×

Wir verwenden Cookies, um LingQ zu verbessern. Mit dem Besuch der Seite erklärst du dich einverstanden mit unseren Cookie-Richtlinien.


image

سلسلة المرأة, السوبروومان (قبل أن تتأله المسلمة) (2)

السوبروومان (قبل أن تتأله المسلمة) (2)

قال تعالى: (وما خلقت الجنَّ والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات :56]

العبادة بمفهومها الشَّامل من الخضوع لله في كلِّ تفاصيل الحياة

ممكن تكون بتصلي، ماخدة من الدِّين بمقدار إشباع حاجاتها الرُّوحيَّة

أمَّا الخضوع الكامل لأمر الله، فمش عايزة تتعلَّم أمر الله -أصلًا- عشان تخضع له

المركزيَّة لها ولرغباتها

وإذا تعلَّمت أمر الله، فممكن يتعارض مع رغباتها، فبتتجنَّب تعلُّمه أصلًا

طيِّب، كيف تقنع نفسها أنَّها ليست مقصِّرة تجاه دينها؟

تروح تمارس على نفسها حيلةً نفسيَّةً

أنَّها (نافرة) نافرة من ماذا؟!

من الشُّيوخ المتشدِّدين بحقِّ المرأة

من الفقه (الذُّكوريِّ)

بتصرف وقتها وجهدها في انتقادهم

وفي معركتها معاهم؛ بيضيع البحث عن أمر الله حتَّى تطيعه

هناك أحكام تؤثِّر في حياتها وراحتها

وقد ثبت لديها أنَّ بعض المتصدِّرين للفتوى شدَّدوا في بعض الأمور

فتقول: ممكن هذه الأحكام أيضًا تكون مجرَّد سوء فهم

أو تفسير خاطئ لنصوص الدِّين من المشايخ المتشدِّدين

يمكن (الحجاب) مش فرض، يمكن (الصُّحوبيَّة) مش حرام

لن تبحث عن الوسطيَّة الحقيقيَّة حتَّى تتَّبِعها

وإنَّما حتلاقيها بتقول: أنا لست عالمة ولا مختصَّة في الدِّين

ولكن مستحيل الدِّين يكون كما يقول هؤلاء

أنا أطرح أسئلة ليس عندي جوابها، لكن مش معقول الإسلام يكون بهذا الشَّكل

ربِّي أعطاني عقل أفكَّر بيه، وكلام هؤلاء غير مقنع

وأنا -بالمناسبة- أنقل هنا كلامًا يقوله بعض المسلمات، ولا أخترعه من عندي

أقوله بمعناه حتَّى لا نشخصن الموضوع

طيِّب، ماذا بعد هذا يا مسلمة؟

ماذا بعد انتقاد الفقه الذُّكوريِّ وتشدُّد المتشدِّدين وانغلاق المنغلقين؟

والَّذين فقههم -حسب رأيكِ- هو الطَّاغي والمؤثِّر والمخرِّب لعقول المسلمين؟

معقول تروحي تشغلي وقتكِ بحضور أفلام (هوليودِّيَّة) تعيِّشكِ في الخيال؟!

وتنصحي متابعيكِ بحضورها، بكلِّ ما لها من أضرار نفسيَّة وأخلاقيَّة؟!

تروحي تمجِّدي مواقف لنساءٍ غربيَّات من قبيل الوسطيَّة والانفتاح؟!

تروحي تنشري صورك وأنت متجمِّلة، تشرِّقي وتغرِّبي وتفاخري بعدد الدُّول اللّي زرتيها وحدك؟!

وإذا حدِّ انتقدك ونصحك بأنَّ هذا حرام انتفضتِ، ويمكن تستهزئي بيه

على اعتبار أنَّه من المتشدِّدين المنغلقين، ضيِّقي الأُفق، متحجِّري العقول

ومرة أخرى: هذه ممارسات نراها من هؤلاء المسلمات

طيّب مش كان ممكن -في شيء من الوقت اللي بتصرفيه في هذا كلِّه-

أن تتعلَّمي أمر ربِّك بنفسك حتَّى تعرفي -ثمَّ تُعَرِّفينا- ما الإسلام الحقُّ؟

ما الفقه الصحيح؟ لا الذُّكوريُّ ولا المتشدِّد، ولا المنغلق

مش أنتِ بتقول دائمًا: ربِّي أعطاني عقل أفكَّر بيه، وكلامكم مش مقنع؟

ألا تستطيعين بهذا العقل أن تتعلَّمي وتُنقِّي الشَّوائب عن الفقه (الذُّكوريِّ)،

وتعودي -مباشرةً- لكلام ربِّكِ لتقولي لنا ما الإسلام حقيقةً؟ وما هو كلام ربِّك فعلًا؟

أم أنَّ عقلك قادرٌ على النَّقد لا على البناء؟!

إذا كنتِ بتعتقدي أنَّ (الشُّيوخ) أساؤوا تمثيل الدِّين

ما عندكش غيرة على الدِّين، فتُحسِني أنتِ تعلَّمه وتمثيله؟!

لمَّا حد يقولك: هذا الَّذي تعملينه حرام، والدَّليل كذا وكذا...

فهل الرَّدُّ العلميُّ، هو أن تجيبي على الدَّليل بدليل؟

أم أنَّ عبارة (أنتم متشدِّدون ذكوريُّون) هي الرَّدُّ على كلِّ شيء؟!

فهذا أوَّل أسلوبٍ تمارسه المرأة المتألِّهة

الَّتي لم تترك دينها صراحةً، وتريد أن توفِّق بين تألُّهها، وتأليه خالقها

اتِّباع الهوى، والإعراض عن تعلُّم الدِّين الَّذي يعارض الهوى بحجَّة النُّفور ممَّن أساؤوا تمثيله

المظهر الثَّاني هو الاعتراض على أمر الله

لمّا مسلمة تقول مثلًا:

لماذا يجوز للرَّجل أن يتزوج أربع نساء؛ ولا يجوز للمرأة أن تتزوج أربعة رجال؟

حتكون قضيَّة مختلفة تمامًا لمّا تسألي سؤالَ مُسلّمٍ بالحكمةِ يُريد التفكّر فيها

لكن المشكلة لمَّا تكوني بتشترطي معرفة الحكمة حتَّى تقبلي الحكم وتُسلِّمي له

فهل أنتِ بذلك تخضعين لأمر الله؟

أم تُحاكمين أمر الله إلى مِسطرتك، وتفترضين أنَّ مِسطرتكِ هذه مُقدَّسة؟

افترضتِ أنَّ أوامر الله يجب أن تُحقِّق المساواة المُطلقة بين الرَّجل والمرأة

فإذا قلنا لكِ إنَّ أوامر الله ليس شرطًا أن تُحقِّق المساواة المُطلَقة، بل الحقَّ والعدل

والمساواة بين الجنسين تكون في بعض الأمور باطلًا وظلمًا

إذا كنتِ بعد ذلك تقولين: مش مُقتنعة (بالإنجليزية) غير منطقي

فواحدٌ من اثنين: إمَّا أنَّكِ مُقرَّة بأنَّ هذا أمرُ الله، لكن تعترضين عليه

مش شايفة أنّ هذا تألُّه؟

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات:1]

وأنتِ بتقدِّمي معيار المساواة المُطلقة بتاعك على أمر الله

وبتسمِّي هواكِ ومعياركِ الخاطئ عقلانية، مع أنَّ الله -الذي تؤمنين به- سمَّاه جاهليَّة

﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50]

أو إنك بتقولي: هذا ليس أمرَ الله، مستحيل دين يقول بهذا الكلام يكون دين الله

لماذا؟ - غير مقنع

طيب، لماذا افترضتِ أنَّ مقاييسكِ الصَّحيحة؟

ولم تشُكِّي أنَّها باطلةٌ وأهواءٌ، وأنَّكِ تقيسين بالمِسطرة الخطأ؟

لماذا افترضتِ أنَّ أحكامكِ مُقدسَّة؟ مش هذا أيضًا تألُّه؟

المظهر الثَّالث للتَّألُّه: هو تأويل أمر الله حسب الأهواء

بحيث يكون الوحي هلاميًّا لا معالم له، قابلًا للتشكُّل بحسب المزاج

هي مش عايزة تترك هواها، وفي الوقت ذاته مش عايزة تعترف بأنها بتعمل معصية

مع أنَّها لو اعترفت لله وراعت مقام العبودية له،

فممكن يكون لها مكان في قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ

خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّـهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: 102]

لكنَّها مش معترفة، فبتبحث عمَّن يريحها بأنَّها باتِّباعها لهواها مش غلطانة

اسألي نفسك لمَّا بيعجبك كلام (عدنان إبراهيم) ولّا (محمد شحرور)، ولّا (علي منصور الكيَّالي)

وغيرهم، ممَّن يُحَرِّفون الكَلِمَ عن مواضعه

ويهدمون الإجماعات تحت مُسمَّى: (رؤية معاصرة للإسلام)،(قراءة جديدة للإسلام)

فتّشي في نفسك: ما الَّذي حصل بالفعل؟

هل أقبلتِ على كلامهم، وكلام غيرهم

بنفسيَّة الباحثِ عن الحق، الخاضع له -أيًّا كان- لوجه الله تعالى؟

أم بنفسيَّةٍ نافرةٍ من بعض الأحكام؟

عندك مُسلَّماتٌ مُسبقة وأهواءٌ تستصعبين تركها

وتريدين أن تبحثي عمَّن يُريحكِ بأنَّكِ لستِ مخطئة، ويعطيكِ التَّبرير الشَّرعي لهذا كلِّه

ومرة أخرى، هذا كلُّه ليس افتراضات، بل ظهر في موجة التَّرحُّم على (شحرور) من بعض النَّسويات

وظهر أنَّ المشكلة ما هيّاش مشكلة نسوية وبس وإنما هناك رفضٌ لأحكامٍ دينية

فوجدن في شحرور وأشكاله متنفسًّا لهنّ تحت مُسمَّى: (العالِم الُمجدِّد لفهم القرآن)

المظهر الرابع للتألُّه هو: الانتقائيَّة أن تأخذ المرأة من الوحي ما يعجبها

فإذا سمعتْ مثلًا آياتٍ توصي بالأنثى أطرقت في خشوع،

بينما إذا سمعتْ ما يُخَالِف هواها

أعرضت أو اعترضت أو بحثت عن تأويلٍ لأوامر الله على غير ظاهرها

هل حضرتك عارفة أنَّ الله تعالى وصف هذا السلوك فقال:

﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ

وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾ [النور: 48-49]

(وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) [النور: 49]

ما تشخيصُ هذه الحالة؟ ما الدَّوافع النَّفسيَّة؟ تُتابع الآيات...

﴿أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ

ۚ بَلْ أُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [النور: 50]

مرض القلب: امتلاؤه بالتَّعلُّق بالهوى لحدِّ العبادة،

الشَّكُّ في عدل الله وحكمته، والشُّعور بأنّ الله لا ينصفهم

تتابع الآيات...

﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ

وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٥١]

وبالمناسبة، سبب نزول هذه الآية أنَّ النَّبي (صلى الله عليه وسلم) أرسل جُليْبيبًا

-شابًّا لا يُرغبُ في تزويج مثله- يخطِبُ فتاةً من الأنصار

فتلكَّأ والداها فقالت لهما البنت: أتردَّون على رسول الله أمره؟

ادفعوني إلى رسول الله فإنّه لن يُضيِّعني

حبًّا وكرامةً وتعظيمًا وثقةً واحترامًا لأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

فزوَّجها من (جُليبيب)، وحسُنت عاقبتها

ومن أهم أشكال (الانتقائيَّة) المُنتشرة بين المُسلِمات

اتِّباع دين (الإنسانويَّة)

تقييمُ الأفكار والمبادئ والأشخاص والمواقف، بناءًا على معايير (إنسانيَّة)

كالرَّحمة، والإحسان للآخرين

لمّا بتقيّم إنسان، بتقيّمه بناءً على تعامله مع البشر

أمّا كونه كافر ولَّا مسلم فما بيهمَّهاش

بل على العكس، إذا مجَّدت في إنسان وراح واحد أثار قضية أنَّه ملحد ولَّا مشرك

بتثور وبتتهكم وبتحقر، لأنَّ حقَّ الله هيِّنٌ عليها جدًّا، أمَّا حقُّ الإنسان فهو المُعظَّم

وهذا من أوضح مظاهر تأليه الإنسان -ومع ذلك- بتقنع نفسها أنّ هذا لا يتعارض مع الإسلام

وبتنتقي نصوص الرَّحمة والإحسان وما تراه أكثر إنسانيَّة

وتُعرض تمامًا عن نصوص الشِّرك والإيمان

لاحظتِ -حضرتك- أن هذه الأشكال من التألُّه شبيهةٌ بما حصل مع الغربيَّات؟

الإعراض، الاعتراض، التأوُّل، الانتقائيَّة

لاحظتِ -حضرتكِ- أنَّ القدْر المشترك في هذا كلِّه، هو أيضًا ضياع البُوصلة واتِّباع الهوى؟

لمّا تُعرض المسلمة عن تَعلُّم دينها، وتكتفي بانتقاد (المتشِّددين) في نظرها

لمَّا تعترض على شيء من أحكام الدين

لمّا تَتّبع من يُأوِّلون أمر الله تأويلاتٍ فاسدةً تناسبُ الهوى

لمّا تنتقي من الدِّين انتقاءًا

القدْرُ المشترك في هذا كلِّه،

أنّها تُرخي قبضتها عن حبل الوحي وتسيرُ بلا بوصلة، متَّبعةً لهواها

وقد سمِعَت قول الله:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [البقرة: 208]

يعني، ادخلوا في الإسلام بكل تفاصيله وأحكامه

ولا تتَّبعوا خطوات الشيطان اللي حيدخَّلكم جُحر الضبّ

زي ما دخَّل أهل الكتاب قبلكم

ويخليكم تعملوا أشياء عمركم ما تصوَّرتوا تعملوها

لكن السُّؤال يا مسلمة:

إذا كانت (الغربيّة) أضاعت البوصلة، فلماذا تُضيعينها أنتِ؟

دينك مش زي دينها، وأنتِ أحسن منها

إذا كان دينها يُظهر الرَّبَّ وكأنُّه يحرص على تجهيل الإنسان،

فدينُك يقول عن ربِّك سبحانه وتعالى:

﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: 31]

إذا كان دينها يُظهر الرَّب ناقصًا عاجزًا،

فدينك يصف الله بصفات الكمال والجلال والقدرة والعظمة والَّتمايز عن المخلوقين

إذا كان دينها يُظهر الرَّب منتقمًا من المرأة معاقبًا لها بالحمل والولادة،

فدينك يجعلُ ذلك أجرًا لك ورفعةَ مكانةٍ تستحقين من أجله أن يَلزم أبناؤك خدمتكِ عند رجليك

إذا كانت (الغربيَّة) التي آمنت بهذه التَّحريفات ضلَّت

ومن كفرت بهذه التَّحريفات وانتقلت إلى الإلحاد ضلَّت أيضًا

فلماذا تضلّين أنتِ؟

أمَا رأيتِ ما ذكرناه في الحلقة الماضية، من إسلامِ غربياتٍ لمَّا رأين دينك

وبوصلة الوحي المحفوظ الَّذي أنعم الله به عليك؟

فتّشي في نفسكِ يا مسلمة، هل أنتِ مؤمنةٌ مُستقلِّة الشَّخصية عن دخول الجحور؟

تستجيبين وتخضعين حبًا وتسليمًا وكرامةً لقول ربكِ:

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ

وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]

أم أنَّ المركزيَّة أصبحت لنفسكِ ورغباتها؟

ورفض كلِّ سلطةٍ امتدَّ عندكِ ليشمل رفض سلطة الله تعالى

فتّشي في نفسك: هل عندكِ مبدأ الخضوع لله في كل شيء؟

﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 162]

هل عندكِ هذا الخضوع؟ مع الاعتراف بالتقصير إذا خالفت؟

ولّا بتكتفي بممارسة شيء من الدين

بالمقدار اللي بيحقق لكِ الاستقرار النفسيّ والشعور بالرِّضا

-من ضمن حاجات الإنسان المُتألِّه-

وبتقنعي نفسك إنّك بتحبّي الإسلام، لكنَّه الإسلام المُقصقص والمُفصَّل على مقاس أهوائكِ؟

طبعًا نحن -يا إخوانَّا- لمَّا بنقول مسلمة مُتألِّهة فهذه عبارةٌ متناقضةٌ ذاتيًّا

فالإسلام هو عكس التألُّه تمامًا

الإسلام هو إسلام الأمر لله والخضوع له، ومراعاة مقام العبوديَّة له سبحانه

لمّا نقول مسلمة تؤلِّه هواها، فهذه عبارة متناقضة

لأنَّ الإسلام هو مخالفة الهوى

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾ [النازعات: 40-41]

ختامًا: هذا التألُّه، ماذا سيحقق لكِ أيَّتها المسلمة؟

هل سيحقق لكِ سعادةً؟ عزّةً؟ هل سيرفعُ عنكِ ظلمًا؟

تستطيعين أن تستقرئي المستقبل بالنَّظر إلى من سبق إلى جحر التألُّه: المرأة الغربيَّة

ماذا كان مصير المرأة الغربية الَّتي تألَّهت؟ هل حصَّلت عزة الإله بالفعل؟

رأينا الجواب في حلقة (تحرير المرأة الغربية)

كيف أنَّ تألُّهَهَا هذا ما زادها إلا رهَقًا وذلًّا ومهانةً، مصداقًا لقول الله تعالى:

﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ [طه: 124]

فالذي يُعرض عن العبودية لله ويؤلِّه هواه -رجلًا كان أو امرأة- فمصيره الذُّل

مصداقًا لقول الله تعالى:

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ

وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ

وَمَن يُهِنِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩ ﴾ [الحج: 18]

المرأة الغربية التي تألَّهت واستنكفت عن العبوديَّة الحقَّة لله،

انتهت بأن تصبح مستعبدةً للبشر كما رأينا

هذه الحلقة -يا كرام ويا كريمات- تأتي ضمن سلسلةٍ للمرأة

لتنظيم علاقتها بربها، وبنفسها وبالبشر من حولها

خلاصة حلقتنا اليوم

لا تتخلَّيْ عن بوصلة الوحي، ولا تُرخي قبضتك عن حبله، ولا تطلبي حلَّ مشاكلكِ خارجَه

وابحثي عن العزَّة في التزام مقام العبوديَّة لله العزيز الحكيم

﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: 10]

لا تسمعي لمن يقول لكِ: تحمَّلي الذُّل

وفي الوقت ذاته، لا تسمعي لمن يُهيُّئ لكِ أنَّ العزة هي خارج إسلامك

بإمكانكِ تعيشي عزيزة كريمة بدينك، وفقط بدينك

لكن قد يكون في نفسكِ بعد هذا شيئٌ من النُّفور من أحكامٍ شرعيِّة والتشكُّك في عدلها

نفسكِ تنازعك، تُدركين أنَّك في مقام العبودية وتؤمنين إيمانًا مُجملًا بعدل الله وحكمته

لكن لازال في النَّفس من بعض أحكامه شيء

سنتعاون معًا في الحلقة القادمة على تنظيف قلوبنا من هذا الحرج بإذن الله

وختامًا

فلنتذكَّر جميعًا -يا مسلمة- أنَّ الله أرشدنا لنطلب منه البوصلة الصَّحيحة

لنسير على هدى ولا نضيع مع الضَّائعين ولا نلحقهم إلى جحر الضَّب

فنقرأُ كل يومٍ في صلاتنا

﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: 6-7]

والسَّلام عليكم ورحمة الله

السوبروومان (قبل أن تتأله المسلمة) (2) The Superwoman (before the deification of the Muslim woman) (2)

قال تعالى: (وما خلقت الجنَّ والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات :56]

العبادة بمفهومها الشَّامل من الخضوع لله في كلِّ تفاصيل الحياة

ممكن تكون بتصلي، ماخدة من الدِّين بمقدار إشباع حاجاتها الرُّوحيَّة

أمَّا الخضوع الكامل لأمر الله، فمش عايزة تتعلَّم أمر الله -أصلًا- عشان تخضع له

المركزيَّة لها ولرغباتها

وإذا تعلَّمت أمر الله، فممكن يتعارض مع رغباتها، فبتتجنَّب تعلُّمه أصلًا

طيِّب، كيف تقنع نفسها أنَّها ليست مقصِّرة تجاه دينها؟

تروح تمارس على نفسها حيلةً نفسيَّةً

أنَّها (نافرة) نافرة من ماذا؟!

من الشُّيوخ المتشدِّدين بحقِّ المرأة

من الفقه (الذُّكوريِّ)

بتصرف وقتها وجهدها في انتقادهم

وفي معركتها معاهم؛ بيضيع البحث عن أمر الله حتَّى تطيعه

هناك أحكام تؤثِّر في حياتها وراحتها

وقد ثبت لديها أنَّ بعض المتصدِّرين للفتوى شدَّدوا في بعض الأمور

فتقول: ممكن هذه الأحكام أيضًا تكون مجرَّد سوء فهم

أو تفسير خاطئ لنصوص الدِّين من المشايخ المتشدِّدين

يمكن (الحجاب) مش فرض، يمكن (الصُّحوبيَّة) مش حرام

لن تبحث عن الوسطيَّة الحقيقيَّة حتَّى تتَّبِعها

وإنَّما حتلاقيها بتقول: أنا لست عالمة ولا مختصَّة في الدِّين

ولكن مستحيل الدِّين يكون كما يقول هؤلاء

أنا أطرح أسئلة ليس عندي جوابها، لكن مش معقول الإسلام يكون بهذا الشَّكل

ربِّي أعطاني عقل أفكَّر بيه، وكلام هؤلاء غير مقنع

وأنا -بالمناسبة- أنقل هنا كلامًا يقوله بعض المسلمات، ولا أخترعه من عندي

أقوله بمعناه حتَّى لا نشخصن الموضوع

طيِّب، ماذا بعد هذا يا مسلمة؟

ماذا بعد انتقاد الفقه الذُّكوريِّ وتشدُّد المتشدِّدين وانغلاق المنغلقين؟

والَّذين فقههم -حسب رأيكِ- هو الطَّاغي والمؤثِّر والمخرِّب لعقول المسلمين؟

معقول تروحي تشغلي وقتكِ بحضور أفلام (هوليودِّيَّة) تعيِّشكِ في الخيال؟!

وتنصحي متابعيكِ بحضورها، بكلِّ ما لها من أضرار نفسيَّة وأخلاقيَّة؟!

تروحي تمجِّدي مواقف لنساءٍ غربيَّات من قبيل الوسطيَّة والانفتاح؟!

تروحي تنشري صورك وأنت متجمِّلة، تشرِّقي وتغرِّبي وتفاخري بعدد الدُّول اللّي زرتيها وحدك؟!

وإذا حدِّ انتقدك ونصحك بأنَّ هذا حرام انتفضتِ، ويمكن تستهزئي بيه

على اعتبار أنَّه من المتشدِّدين المنغلقين، ضيِّقي الأُفق، متحجِّري العقول

ومرة أخرى: هذه ممارسات نراها من هؤلاء المسلمات

طيّب مش كان ممكن -في شيء من الوقت اللي بتصرفيه في هذا كلِّه-

أن تتعلَّمي أمر ربِّك بنفسك حتَّى تعرفي -ثمَّ تُعَرِّفينا- ما الإسلام الحقُّ؟

ما الفقه الصحيح؟ لا الذُّكوريُّ ولا المتشدِّد، ولا المنغلق

مش أنتِ بتقول دائمًا: ربِّي أعطاني عقل أفكَّر بيه، وكلامكم مش مقنع؟

ألا تستطيعين بهذا العقل أن تتعلَّمي وتُنقِّي الشَّوائب عن الفقه (الذُّكوريِّ)،

وتعودي -مباشرةً- لكلام ربِّكِ لتقولي لنا ما الإسلام حقيقةً؟ وما هو كلام ربِّك فعلًا؟

أم أنَّ عقلك قادرٌ على النَّقد لا على البناء؟!

إذا كنتِ بتعتقدي أنَّ (الشُّيوخ) أساؤوا تمثيل الدِّين

ما عندكش غيرة على الدِّين، فتُحسِني أنتِ تعلَّمه وتمثيله؟!

لمَّا حد يقولك: هذا الَّذي تعملينه حرام، والدَّليل كذا وكذا...

فهل الرَّدُّ العلميُّ، هو أن تجيبي على الدَّليل بدليل؟

أم أنَّ عبارة (أنتم متشدِّدون ذكوريُّون) هي الرَّدُّ على كلِّ شيء؟!

فهذا أوَّل أسلوبٍ تمارسه المرأة المتألِّهة

الَّتي لم تترك دينها صراحةً، وتريد أن توفِّق بين تألُّهها، وتأليه خالقها

اتِّباع الهوى، والإعراض عن تعلُّم الدِّين الَّذي يعارض الهوى بحجَّة النُّفور ممَّن أساؤوا تمثيله

المظهر الثَّاني هو الاعتراض على أمر الله

لمّا مسلمة تقول مثلًا:

لماذا يجوز للرَّجل أن يتزوج أربع نساء؛ ولا يجوز للمرأة أن تتزوج أربعة رجال؟

حتكون قضيَّة مختلفة تمامًا لمّا تسألي سؤالَ مُسلّمٍ بالحكمةِ يُريد التفكّر فيها

لكن المشكلة لمَّا تكوني بتشترطي معرفة الحكمة حتَّى تقبلي الحكم وتُسلِّمي له

فهل أنتِ بذلك تخضعين لأمر الله؟

أم تُحاكمين أمر الله إلى مِسطرتك، وتفترضين أنَّ مِسطرتكِ هذه مُقدَّسة؟

افترضتِ أنَّ أوامر الله يجب أن تُحقِّق المساواة المُطلقة بين الرَّجل والمرأة

فإذا قلنا لكِ إنَّ أوامر الله ليس شرطًا أن تُحقِّق المساواة المُطلَقة، بل الحقَّ والعدل

والمساواة بين الجنسين تكون في بعض الأمور باطلًا وظلمًا

إذا كنتِ بعد ذلك تقولين: مش مُقتنعة (بالإنجليزية) غير منطقي

فواحدٌ من اثنين: إمَّا أنَّكِ مُقرَّة بأنَّ هذا أمرُ الله، لكن تعترضين عليه

مش شايفة أنّ هذا تألُّه؟

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات:1]

وأنتِ بتقدِّمي معيار المساواة المُطلقة بتاعك على أمر الله

وبتسمِّي هواكِ ومعياركِ الخاطئ عقلانية، مع أنَّ الله -الذي تؤمنين به- سمَّاه جاهليَّة

﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 50]

أو إنك بتقولي: هذا ليس أمرَ الله، مستحيل دين يقول بهذا الكلام يكون دين الله

لماذا؟ - غير مقنع

طيب، لماذا افترضتِ أنَّ مقاييسكِ الصَّحيحة؟

ولم تشُكِّي أنَّها باطلةٌ وأهواءٌ، وأنَّكِ تقيسين بالمِسطرة الخطأ؟

لماذا افترضتِ أنَّ أحكامكِ مُقدسَّة؟ مش هذا أيضًا تألُّه؟

المظهر الثَّالث للتَّألُّه: هو تأويل أمر الله حسب الأهواء

بحيث يكون الوحي هلاميًّا لا معالم له، قابلًا للتشكُّل بحسب المزاج

هي مش عايزة تترك هواها، وفي الوقت ذاته مش عايزة تعترف بأنها بتعمل معصية

مع أنَّها لو اعترفت لله وراعت مقام العبودية له،

فممكن يكون لها مكان في قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ

خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّـهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: 102]

لكنَّها مش معترفة، فبتبحث عمَّن يريحها بأنَّها باتِّباعها لهواها مش غلطانة

اسألي نفسك لمَّا بيعجبك كلام (عدنان إبراهيم) ولّا (محمد شحرور)، ولّا (علي منصور الكيَّالي)

وغيرهم، ممَّن يُحَرِّفون الكَلِمَ عن مواضعه

ويهدمون الإجماعات تحت مُسمَّى: (رؤية معاصرة للإسلام)،(قراءة جديدة للإسلام)

فتّشي في نفسك: ما الَّذي حصل بالفعل؟

هل أقبلتِ على كلامهم، وكلام غيرهم

بنفسيَّة الباحثِ عن الحق، الخاضع له -أيًّا كان- لوجه الله تعالى؟

أم بنفسيَّةٍ نافرةٍ من بعض الأحكام؟

عندك مُسلَّماتٌ مُسبقة وأهواءٌ تستصعبين تركها

وتريدين أن تبحثي عمَّن يُريحكِ بأنَّكِ لستِ مخطئة، ويعطيكِ التَّبرير الشَّرعي لهذا كلِّه

ومرة أخرى، هذا كلُّه ليس افتراضات، بل ظهر في موجة التَّرحُّم على (شحرور) من بعض النَّسويات

وظهر أنَّ المشكلة ما هيّاش مشكلة نسوية وبس وإنما هناك رفضٌ لأحكامٍ دينية

فوجدن في شحرور وأشكاله متنفسًّا لهنّ تحت مُسمَّى: (العالِم الُمجدِّد لفهم القرآن)

المظهر الرابع للتألُّه هو: الانتقائيَّة أن تأخذ المرأة من الوحي ما يعجبها

فإذا سمعتْ مثلًا آياتٍ توصي بالأنثى أطرقت في خشوع،

بينما إذا سمعتْ ما يُخَالِف هواها

أعرضت أو اعترضت أو بحثت عن تأويلٍ لأوامر الله على غير ظاهرها

هل حضرتك عارفة أنَّ الله تعالى وصف هذا السلوك فقال:

﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ

وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾ [النور: 48-49]

(وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) [النور: 49]

ما تشخيصُ هذه الحالة؟ ما الدَّوافع النَّفسيَّة؟ تُتابع الآيات...

﴿أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ

ۚ بَلْ أُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [النور: 50]

مرض القلب: امتلاؤه بالتَّعلُّق بالهوى لحدِّ العبادة،

الشَّكُّ في عدل الله وحكمته، والشُّعور بأنّ الله لا ينصفهم

تتابع الآيات...

﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ

وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [النور: ٥١]

وبالمناسبة، سبب نزول هذه الآية أنَّ النَّبي (صلى الله عليه وسلم) أرسل جُليْبيبًا

-شابًّا لا يُرغبُ في تزويج مثله- يخطِبُ فتاةً من الأنصار

فتلكَّأ والداها فقالت لهما البنت: أتردَّون على رسول الله أمره؟

ادفعوني إلى رسول الله فإنّه لن يُضيِّعني

حبًّا وكرامةً وتعظيمًا وثقةً واحترامًا لأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

فزوَّجها من (جُليبيب)، وحسُنت عاقبتها

ومن أهم أشكال (الانتقائيَّة) المُنتشرة بين المُسلِمات

اتِّباع دين (الإنسانويَّة)

تقييمُ الأفكار والمبادئ والأشخاص والمواقف، بناءًا على معايير (إنسانيَّة)

كالرَّحمة، والإحسان للآخرين

لمّا بتقيّم إنسان، بتقيّمه بناءً على تعامله مع البشر

أمّا كونه كافر ولَّا مسلم فما بيهمَّهاش

بل على العكس، إذا مجَّدت في إنسان وراح واحد أثار قضية أنَّه ملحد ولَّا مشرك

بتثور وبتتهكم وبتحقر، لأنَّ حقَّ الله هيِّنٌ عليها جدًّا، أمَّا حقُّ الإنسان فهو المُعظَّم

وهذا من أوضح مظاهر تأليه الإنسان -ومع ذلك- بتقنع نفسها أنّ هذا لا يتعارض مع الإسلام

وبتنتقي نصوص الرَّحمة والإحسان وما تراه أكثر إنسانيَّة

وتُعرض تمامًا عن نصوص الشِّرك والإيمان

لاحظتِ -حضرتك- أن هذه الأشكال من التألُّه شبيهةٌ بما حصل مع الغربيَّات؟

الإعراض، الاعتراض، التأوُّل، الانتقائيَّة

لاحظتِ -حضرتكِ- أنَّ القدْر المشترك في هذا كلِّه، هو أيضًا ضياع البُوصلة واتِّباع الهوى؟

لمّا تُعرض المسلمة عن تَعلُّم دينها، وتكتفي بانتقاد (المتشِّددين) في نظرها

لمَّا تعترض على شيء من أحكام الدين

لمّا تَتّبع من يُأوِّلون أمر الله تأويلاتٍ فاسدةً تناسبُ الهوى

لمّا تنتقي من الدِّين انتقاءًا

القدْرُ المشترك في هذا كلِّه،

أنّها تُرخي قبضتها عن حبل الوحي وتسيرُ بلا بوصلة، متَّبعةً لهواها

وقد سمِعَت قول الله:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ [البقرة: 208]

يعني، ادخلوا في الإسلام بكل تفاصيله وأحكامه

ولا تتَّبعوا خطوات الشيطان اللي حيدخَّلكم جُحر الضبّ

زي ما دخَّل أهل الكتاب قبلكم

ويخليكم تعملوا أشياء عمركم ما تصوَّرتوا تعملوها

لكن السُّؤال يا مسلمة:

إذا كانت (الغربيّة) أضاعت البوصلة، فلماذا تُضيعينها أنتِ؟

دينك مش زي دينها، وأنتِ أحسن منها

إذا كان دينها يُظهر الرَّبَّ وكأنُّه يحرص على تجهيل الإنسان،

فدينُك يقول عن ربِّك سبحانه وتعالى:

﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ [البقرة: 31]

إذا كان دينها يُظهر الرَّب ناقصًا عاجزًا،

فدينك يصف الله بصفات الكمال والجلال والقدرة والعظمة والَّتمايز عن المخلوقين

إذا كان دينها يُظهر الرَّب منتقمًا من المرأة معاقبًا لها بالحمل والولادة،

فدينك يجعلُ ذلك أجرًا لك ورفعةَ مكانةٍ تستحقين من أجله أن يَلزم أبناؤك خدمتكِ عند رجليك

إذا كانت (الغربيَّة) التي آمنت بهذه التَّحريفات ضلَّت

ومن كفرت بهذه التَّحريفات وانتقلت إلى الإلحاد ضلَّت أيضًا

فلماذا تضلّين أنتِ؟

أمَا رأيتِ ما ذكرناه في الحلقة الماضية، من إسلامِ غربياتٍ لمَّا رأين دينك

وبوصلة الوحي المحفوظ الَّذي أنعم الله به عليك؟

فتّشي في نفسكِ يا مسلمة، هل أنتِ مؤمنةٌ مُستقلِّة الشَّخصية عن دخول الجحور؟

تستجيبين وتخضعين حبًا وتسليمًا وكرامةً لقول ربكِ:

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ

وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]

أم أنَّ المركزيَّة أصبحت لنفسكِ ورغباتها؟

ورفض كلِّ سلطةٍ امتدَّ عندكِ ليشمل رفض سلطة الله تعالى

فتّشي في نفسك: هل عندكِ مبدأ الخضوع لله في كل شيء؟

﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 162]

هل عندكِ هذا الخضوع؟ مع الاعتراف بالتقصير إذا خالفت؟

ولّا بتكتفي بممارسة شيء من الدين

بالمقدار اللي بيحقق لكِ الاستقرار النفسيّ والشعور بالرِّضا

-من ضمن حاجات الإنسان المُتألِّه-

وبتقنعي نفسك إنّك بتحبّي الإسلام، لكنَّه الإسلام المُقصقص والمُفصَّل على مقاس أهوائكِ؟

طبعًا نحن -يا إخوانَّا- لمَّا بنقول مسلمة مُتألِّهة فهذه عبارةٌ متناقضةٌ ذاتيًّا

فالإسلام هو عكس التألُّه تمامًا

الإسلام هو إسلام الأمر لله والخضوع له، ومراعاة مقام العبوديَّة له سبحانه

لمّا نقول مسلمة تؤلِّه هواها، فهذه عبارة متناقضة

لأنَّ الإسلام هو مخالفة الهوى

﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ﴾ [النازعات: 40-41]

ختامًا: هذا التألُّه، ماذا سيحقق لكِ أيَّتها المسلمة؟

هل سيحقق لكِ سعادةً؟ عزّةً؟ هل سيرفعُ عنكِ ظلمًا؟

تستطيعين أن تستقرئي المستقبل بالنَّظر إلى من سبق إلى جحر التألُّه: المرأة الغربيَّة

ماذا كان مصير المرأة الغربية الَّتي تألَّهت؟ هل حصَّلت عزة الإله بالفعل؟

رأينا الجواب في حلقة (تحرير المرأة الغربية)

كيف أنَّ تألُّهَهَا هذا ما زادها إلا رهَقًا وذلًّا ومهانةً، مصداقًا لقول الله تعالى:

﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ [طه: 124]

فالذي يُعرض عن العبودية لله ويؤلِّه هواه -رجلًا كان أو امرأة- فمصيره الذُّل

مصداقًا لقول الله تعالى:

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ

وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ

وَمَن يُهِنِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩ ﴾ [الحج: 18]

المرأة الغربية التي تألَّهت واستنكفت عن العبوديَّة الحقَّة لله،

انتهت بأن تصبح مستعبدةً للبشر كما رأينا

هذه الحلقة -يا كرام ويا كريمات- تأتي ضمن سلسلةٍ للمرأة

لتنظيم علاقتها بربها، وبنفسها وبالبشر من حولها

خلاصة حلقتنا اليوم

لا تتخلَّيْ عن بوصلة الوحي، ولا تُرخي قبضتك عن حبله، ولا تطلبي حلَّ مشاكلكِ خارجَه

وابحثي عن العزَّة في التزام مقام العبوديَّة لله العزيز الحكيم

﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّـهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: 10]

لا تسمعي لمن يقول لكِ: تحمَّلي الذُّل

وفي الوقت ذاته، لا تسمعي لمن يُهيُّئ لكِ أنَّ العزة هي خارج إسلامك

بإمكانكِ تعيشي عزيزة كريمة بدينك، وفقط بدينك

لكن قد يكون في نفسكِ بعد هذا شيئٌ من النُّفور من أحكامٍ شرعيِّة والتشكُّك في عدلها

نفسكِ تنازعك، تُدركين أنَّك في مقام العبودية وتؤمنين إيمانًا مُجملًا بعدل الله وحكمته

لكن لازال في النَّفس من بعض أحكامه شيء

سنتعاون معًا في الحلقة القادمة على تنظيف قلوبنا من هذا الحرج بإذن الله

وختامًا

فلنتذكَّر جميعًا -يا مسلمة- أنَّ الله أرشدنا لنطلب منه البوصلة الصَّحيحة

لنسير على هدى ولا نضيع مع الضَّائعين ولا نلحقهم إلى جحر الضَّب

فنقرأُ كل يومٍ في صلاتنا

﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ

صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: 6-7]

والسَّلام عليكم ورحمة الله