رحلات في أيام العرب.
نرصد غريبة أحوالهم وطريفة أقوالهم, حكمتهم, ومكارم أخلاقهم,
رحلات نتوقف فيها على ما عرف, وما لم يعرف من نواديهم.
أهلا بكم, في نوادر العرب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدى البعض فراسة لا تخطىء في تقدير قدر ومكانة الناس,
ومن الناس من يتكرم على الغرباء النخوة والسخاء في نفسه مهما كان معسرا.
عبرة هذه القصة أن الكريمة يجود على مقدار نفسه.
لا على مقدار ما يملك.
خرج عبيد الله ابن عباس من المدينة المنورة يريد الشام،.
وبينما هو في الطريق ليلا نزل مطر غزير،.
فنظر فرأى نارا مشتعلة غير بعيدة، فقال له غلامه الذي يرافقه ما البناء إليها.
فلما أتاها وجد عندها شيخا رث الثياب.
فحيح الشيخ وقال له أنا أخ وانزل حيط ودخل إلى منزله،.
فقال لامرأته حقيقي شهادتك أقضي بها زمام هذا الرجل فقد توسمت فيه الخير،.
فإن يكن من مضر فهو من بني عبد المطلب،.
وإن يكن من اليمن فهو من بني آكل المرار،.
فقلت له قد عرفت حالة صبية وإن معيشتهم منها وأخاف الموت عليهم إن فقدوها،.
فقال موتهم أحب إلي من اللؤم, ثم قبض على الشاهد ثم ذبحها وقطعها أربعا وقذفها في القدر حتى إذا استوت فرد فعلى الشاهد ثم غضب الداهم.
وأراد عبيد الله الرحيل, فقال له غلامه ارم للشيء خيمة معك من نفقة.
فقال ذبح لك الشهادة فكان يأته بثمن عشرة أمثالها وهو لا يعرفك،.
فقال ويحك إن هذا لم يكن يملك من الدنيا غير هذه الشاهد فجاز لنا بها،.
وإن كان لا يعرفنا فأنا أعرف نفسي أرمي بها إليه،.
فلما ها إليه فكانت خمسمائة دينار،.
ثم ارتحل عبيد الله فأتى معاوية, ثم أقبل راجعا إلى المدينة حتى إذا قرب من ذلك الشيخ قال لي غلامه.
ما البناء ننتظره في أي حالة هو؟.
فاندهش هيا إليه, فإذا برجل ثرى عنده دخان عال.
ورماد كثير ففرح بذلك, وقال له الشيخ انزل على الرحب والسعة.
Speaker1:
فقال له عبيد الله, تعرفني فقال له الله فمن أنت؟.
فقال أنا نزولك ليلة كذا وكذا فقام إليه فقبل رأسه ويديه ورجليه.
وقال قلت أبياتا أنت تسمعها مني.
فقال هات, فأنشد, توسمت به لما رأيت مهابة عليه وقلت المرء من آل هاشم.
وإلا فمن أهل المرار فإنهم ملوك عظامه من كرام عظمي.
فقمت إلى عنز بقية عن يزن لأن ذبحها فعل امرئ غير نادم.
فعوض عنها غنائية ولم تكن تساوي عندي غير خمسة دراهم.
فقلت لأهلي في الخلاء وصبية أحقا أرى أم تلك أحلام نائمة؟.
فضحك عبيد الله وقال أعطيت أنا أكثر مما أخذته منه يا غلام أعطيه مثلها.
فقال معاوية بن أبي سفيان, لله در عبيد الله من أي بيضة خرج وفي أي عش درج.
هل إيجازه في المقال واللباقة في البيان قد تعود بالخير على صاحبها.
إذا وجدت آذانا تجيد الإصغاء, وعقولا تتدبر ما تسمع.
وليس المبتدئ, كلا مقتدين,
قال حيان القرشي كنا عند هشام بن عبد الملك، وقد وفد علينا وفد أهل الحجاز.
وكان إذا قدم الوفد حضر شباب الكتاب لسماع بلاغة خطباء لهم،.
وكان محمد ابن أبي الجهم, أكثر القومي قدرا, وأكبرهم سنا،.
فقال أصلح الله أمير المؤمنين, إن خطباء قريش قد قالت في كما قالت وأكثر وأكثر النبط،.
والله ما بلغ قائلهم قدرك، ولا أحصى خطيبا وهم فضلك،.
وإن أذنت في القول قال قل وأوجز،.
فقال تولى لك الله يا أمير المؤمنين بالحسنى, وزينة بالتقوى, إن لي حوائج.
Speaker1:
لقد كبرت سني ونال الدهر مني.
قال وما الذي ينفي فقرك ويجبر كسرنا؟.
قال ألف دينار وألف دينار وألف دينار.
فأطلق هشام طويلا ثم, قال يبن أبي جهم بيت المالي لا يحتمل ما ذكرت،.
فقال ابن أبي الجهم أما والله إن الأمر لواحد ولكن الله آثر أترك لمجلس سك،.
فإن تعطنا في حقنا أديت وإن تمنعنا نسأل الله الذي بيده ما هويت.
يا أمير المؤمنين إن الله جعل العطاء محبة والمنع ما أبغض والله لئن أحبك, أحب إلي من أن أذهب غضبك,
قال فألف دينار لماذا؟.
قال أقضي بها دينا قد حان قضاؤه وعنه حمله وأضر به أهله.
قال أمير المؤمنين فلا بأس تنفس كربة وتؤدي أمانة. وألف دينار لماذا قال ابن أبي الجهم أتزوج بها من بلغ من ولدي؟.
قال أمير المؤمنين أغضب تبصر وأمرته نسلا وألف دينار لماذا؟.
قال ابن أبي الجهم أشتري بها أرضا يعيش بها ولدي ويستعين بفضلها على نوائب دهره وتكون ذخرا لمن بعدي.
قال الأمير فإنا قد أمرنا لك بما سألت.
قال فمحمود الله على ذلك. وخرج فتبعه هشام ببصره وقال ما رأيت رجلا أوجز في مقال ولا أبلغ في بيان منه.
ثم قال أما والله أننا لا نعرف الحق إذا نزل.
ونكره الإسراف والبخل وما نعطي تبذيرا ولا نمنع تقديرا.
وما نحن إلا خزان الله في بلاده وأبنائه على عباده.
فإذا أذن أعطينا, وإذا منع أبينا.
ولو كان كل قائل يصدق وكل سائل يستحق ما جبهتنا قائلا ولا رددنا سائلا,
ونسأل الله الذي بيده ما تحفظنا أن يجريه على أيدينا فإنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.
Speaker1:
فقالوا يا أمير المؤمنين لقد تكلمت فأبلغت.
قال إنه مبتدئ. وليس المبتدئ كما المقتضي. قصص وطرائف أبو سلام كثيرة،.
لكن هذه القصة قد تكون من بين الأغرب.
حيث حصل أبو سلامة على ثروة طائلة من الخليفة أبو عبد الله محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور، وهو ثالث خلفاء الدولة العباسية.
دخل أبو لام على المهدي فأنشد قصيدة فقال له سلمي حاجتك فقال يا أمير المؤمنين تهب لي كلبا فغضب وقال أقول لك سني حاجتك فتقول تهبه لي كلبا فقال.
يا أمير المؤمنين الحجة لي أم لك؟.
قال لا بل لك.
قال فإني أسألك أن تهب لي كلب صيد فأمر له بكلب.
فقال يا أمير المؤمنين هذا ابني خرجت إلى الصيد أعدو على رجلي فأمر له بدابة.
فقال يا أمير المؤمنين فمن يقوم عليها؟, فأمر له بغلام.
فقال يا أمير المؤمنين فهو ابني قصدت صيدا وأتيت به المنزل فمن يطبخ؟, فأمر له بـ جارية،.
فقال يا أمير المؤمنين هؤلاء أين يبيتون؟ فأمر له بدار؟.
فقال يا أمير المؤمنين قد صارت كلها في عنقي، فمن أين ما تقوت به هؤلاء؟.
فقال أمير المؤمنين قد وهبت كألف جريب عامر وألف جريب غامر.
فقال أما العامر فقد عرفته فما الغامر.
قال الخراب الذي لا شيء فيه.
ومعنى الجريب المزرعة أو المكيال،.
ولكنني أسأله أمير المؤمنين من ألفي جريب جريب واحدا عامرا.
قال من أين.
قال من بيت المال؟.
فقال المهدي حولوا المال وأعطوه جيبا.
فقال يا أمير المؤمنين إذا حولوا منه المال صار غامر.
فضحك من هو أرضاه.