من أروع قصص الذكاء عند العرب (فطنة ورجاحة عقل وسرعة بديهة) 😱
أودع رجل عقدًا ثمينًا أمانةً عند عطار، فلما طلب منه أنكر العطار، فشكاه الرجل إلى الخليفة العباسي عضد الدولة، فقال له الخليفة: اذهب واقعد أمام دكان العطار، ولا تكلمه، وافعل ذلك ثلاثة أيام،
وفي اليوم الرابع سأمر عليك أنا وبعض رجالي، وسأنزل عن فرسي، وأسلم عليك، فرد علي السلام وأنت جالس، وإذا سألتك سؤالا أجب علي ولا تزد شيئًا، وإذا انصرفت ذكر العطار بالعقد.
وفي اليوم الرابع مر الخليفة على الرجل، ونزل عن فرسه، وسلم عليه، وقال له: لم أرك من مدة ؟! فقال الرجل : سأمر عليك قريبا. فلما انصرف الخليفة، نادى العطار الرجل، وقال له: صف لي العقد الذي تتحدث عنه،
فوصفه الرجل فقام العطار وفتش دكانه، وأحضر العقد، فأخذه الرجل، وذهب إلى الخليفة، فأحضر الخليفة العطار، وعاقبه على خيانته.
دخل الشاعر أبو تمام على الخليفة المعتصم، وقال له قصيدة يمتدحه فيها، وشبهه في أحد أبياتها بعمرو بن معد يكرب في الشجاعة، وحاتم الطائي في الكرم، والأحنف بن قيس في الحلم، وإياس بن معاوية في الذكاء، وهؤلاء يضرب بهم المثل في هذه الصفات، فقال :
إقدام عمرو في سماحة حاتم في حلم أحنف في ذكاء إياس
فأراد بعض الحاضرين أن يوقعوا بين المعتصم وأبي تمام، فقالوا: لقد شبهت أمير المؤمنين بصعاليك العرب. فقال أبو تمام:
لا تنكروا ضربي له من دونه مثلا شرودا في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره مثلا من المشكاة والنبراس
فأسكتهم أبو تمام بذكائه، فقد وضح لهم أن تشبيهه للمعتصم لا ينقص من قدره، فالله عز وجل قد شبه نوره بنور مصباح في مشكاة.
أراد أحد الشعراء أن يسافر لأداء أمانة إلى صديق له، وكان للشاعر ابنتان، فقال لهما: إذا قدر الله، وقُتلت في الطريق، فخذا بثأري ممن يأتيكم بالشطر الأول من هذا البيت.
ألا أيها البنتان إن أباكما قتيل خذا بالثأر ممن أتاكما
وبينما الشاعر في الطريق قابله أحد اللصوص، وهدده بالقتل، وأخذ ما معه من أموال، فقال له الشاعر: إن هذا المال أمانة، فإذا كنت تريد مالًا فاذهب إلى ابنتي،
وقل لهما: ألا أيها البنتان إن أباكما، وسوف يعطيانك ما تريد.
ولكن اللص قتله، وأخذ ما معه، ثم ذهب إلى بلدة الرجل، وقابل البنتين، وقال لهما: إن أباكما يقول لكما: ألا أيها البنتان إن أباكما. فصاحتا البنتان: قتيل خذا بالثأر ممن أتاكما.
فتجمع الجيران وأمسكوا باللص القاتل، وذهبوا به إلى الحاكم، وهناك اعترف بجريمته، فقتله الحاكم جزاء فعله.
يروى أن رجلًا جاء إلى أحد العلماء ذات ليلة، وقال له: يا إمام، منذ مدة طويلة دفنت مالا في مكان ما، ولكني نسيت هذا المكان، فهل تساعدني في حل هذه المشكلة؟
فقال له الإمام: ليس هذا من عمل الفقيه؛ حتى أجد لك حلًا، ثم فكر لحظة وقال له: اذهب، فصل حتى يطلع الصبح، فإنك ستتذكر مكان المال إن شاء الله تعالى.
ذهب الرجل، وأخذ يصلي، وفجأة، وبعد وقت قصير، وأثناء الصلاة، تذكر المكان الذي دفن المال فيه، فأسرع وذهب إليه فأحضره.
وفي الصباح جاء الرجل إلى الإمام، وأخبره أنه عثر على المال، وشكره، ثم سأله: كيف عرفت أني سأتذكر مكان المال؟!
فقال الإمام: لأني علمت أن الشيطان لن يتركك تصلي، وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك.
تزوجت امرأة، وبعد ستة أشهر ولدت طفلًا –والمعروف أن المرأة غالبا ما تلد بعد تسعة أشهر أو سبعة أشهر من الحمل– فظن الناس أنها لم تكن مخلصة لزوجها، وأنها حملت من غيره قبل زواجها منه.
فأخذوها إلى الخليفة ليعاقبها، وكان الخليفة حينئذ هو عثمان بن عفان –رضي الله عنه– فلما ذهبوا إليه وجدوا الإمام عليًا موجودًا عنده، فقال لهم: ليس لكم أن تعاقبوها لهذا السبب.
فتعجبوا وسألوه: وكيف ذلك؟ فقال لهم: لقد قال الله تعالى: { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا } ( الأحقاف 15 ) أي أن الحمل وفترة الرضاعة ثلاثون شهرًا، وقال تعالى: { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } ( البقرة 233 )
أي أن مدة الرضاعة سنتان. إذن فالرضاعة أربعة وعشرون شهرًا، والحمل يمكن أن يكون ستة أشهر.
ذهب بعض الناس إلى قاض، وقالوا له: لقد سُرق أحد التجار، وأمسكنا هذين الرجلين، ونشك فيهما، ولا نعرف أيهما السارق.
فأمر القاضي الجميع بالانتظار بحجة أنه يريد أن يشرب الماء، وطلب من خادمه أن يحضر زجاجة ماء، فلما أحضرها أخذها القاضي ورفعها إلى فمه، وبدأ يشرب،
وفجأة ترك القاضي الزجاجة، فسقطت على الأرض وانكسرت، وأحدثت صوتًا مفزعًا. واندهش الحاضرون من تصرف القاضي المفاجئ، بينما أسرع القاضي نحو أحد الرجلين، وأمسكه وقال له:
أنت السارق، وأصر على ذلك، حتى اعترف الرجل ثم سأله: كيف عرفت أنني السارق ؟ فقال القاضي : لأنك لم تفزع عند سقوط الزجاجة على الأرض، واللصوص قلوبهم قاسية جامدة، أما زميلك فقد خاف وارتعد، عندئذ شككت أنك السارق. مصدرالقصص السابقة: موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق.