Parenting and psychology*
وطبعا الأبناء ليسوا هم الطرف الوحيد في مشكلة "أبناء الثقافة الثالثة"
وإنما هنالك طرف آخر وهو أساسي؛ ألا وهم الآباء والأمهات.
خمسون طيفا من العرب
أبناء الثقافة الثالثة
الجزء الثاني - تربية الأبناء في الغربة
حقيقة ما كان عندي تحدي كبير في موضوع تربية بناتي
لأن زوجتي كانت متعاونة جدا معي
وهنا الزوجة لها دور كبير حقيقة في موضوع التربية
لابد أن يكون هناك تفاهم أسري بين الزوجين
هذا الأمر سيعمل على توفير المجهود المبذول في حل الخلافات والنزاعات وتوجيهه إلى تربية الأبناء.
بالنسبة لي، وقد ذكرت هذا الأمر في أكثر من مناسبة، موضوع توافقي مع زوجتي أسريا ساعدني جدا في تربية بناتي الثلاث في كندا
خاصة عندما وصلوا إلى سن البلوغ حيث أصبح من الصعب معرفة مايدور في أذهانهم
لم أواجه مشاكل كبيرة في موضوع التربية حيث كانت هناك مباديء أستند عليها في حياتي.
السبب الثاني هو التوافق الأسري وهذا الأمر أركز عليه جدا.
إذا لم يكن الزوج والزوجة على وفاق وانسجام في بلد المهجر، سيدفع الأبناء ثمن هذا الأمر غاليا جدا.
تربية الأبناء في أي مكان هو تحدٍ كبير.
حيث أجد أن هذا التحدي يواجه صديقاتي في الدول العربية أيضا
في اعتقادي أن الفرق بين التربية هنا في كندا والدول العربية هو أن أبناءنا يتعرضون للأمور بشكل مبكر أكثر من أقرانهم في الدول العربية
على سبيل المثال هناك أمور يواجهها الأطفال في الدول العربية في المرحلة الثانوية نجد أن أبنائنا يواجهونها هنا في نهاية المرحلة المتوسطة
علينا التخطيط والتحضير لهذه الأمور عن طريق تجهيز المعلومات التي يحتاجها الأبناء والتي في بعض الأحيان تكون أكبر من أعمارهم
ولكن لايوجد حل آخر حيث أنهم في النهاية يتعرضون للأمور مثل المخدرات والعلاقات بين الجنسين
مثل هذه الأمور لايتحدث الآباء في البلاد العربية مع أبنائهم أبدا عنها وإن حدث وتحدثوا عنها يكون في نهاية المرحلة الجامعية.
في حين أننا نواجه هذا التحدي في وقت مبكر عن الدول العربية
ولكن فيما عدا ذلك فإن نفس مراحل التطور والنمو التي يمر بها الأبناء واحدة في كندا والدول العربية
عندما قاموا بطرح برنامج الثقافة الجنسية والتحديثات عليه كان عندي بعض التحفظات
لأن لدينا خلفية ثقافية وديانة مختلفة وأفكارنا مختلفة
فحاولت قدر الإمكان أن أكون المصدر لمثل هذه المعلومات لأولادي بالبيت خاصة حينما يكون لديهم فضول تجاه هذه الأمور أبذل كل ما في وسعي لأصل إلى الإجابة عن أسئلتهم
وأكون صادقا معهم حتى أني أقوم بشراء الكتب وأجلس معهم لأوضح لهم.
ليس أمرا سهلا أن تهاجر إلى بلد غريب مع زوجتك وأولادك وتترك موطنك
وتطلب منهم التكيف مع المعيشة في بلد المهجر بينما لايزال بقية أهلك في موطنك الأصلي.
الهجرة ليست أمرا سهلا. ودائما أقول أن الهجرة كالدواء إن تناولت منه بدون حاجة قضى عليك.
لأن الهجرة حاجة وليست غاية.
ولكن إخواننا من السوريين، اليمنيين، الليبيين، العراقيين، الصوماليين بلدانهم غير مستقرة الأمر الذي اضطرهم إلى الهجرة.
فاليوم لايمكننا أن نعطي حلا واحدا للجميع. كل شخص حسب ظروفه وهذه النقطة مهمة جدا لأننا دائما نقوم بتعميم الحلول.
لايوجد حل مثالي يناسب الجميع. مستحيل!
ودائما أحاول أن أركز على هذه النقطة عندما أتحدث مع الآخرين قائلا لهم أن الرأي الذي أذكره من منظوري الخاص ومن خبرتي أنا كـ"حسين يونس".
إذا كنت تواجه نفس القضايا الاجتماعية التي أواجهها مثلا انا أهتم بموضوع الهوية ولدي هاجس بالنسبة للدين وكيف أحافظ على بناتي ليظلوا مسلمات،
كيف أحافظ عليهم كي لاتهرب أي منهن مع صديقها لاسمح الله.
أفكر في كل هذه الأمور بجدية، ولا أقول أن ماحدث مع الآخرين مستحيل أن يحدث لي. لا ماحدث مع الآخرين قد يحدث معك،
هذه الأمور حدثت مع أبناء وبنات أئمة مساجد!
منذ 5 سنوات جئنا إلى "تورونتو" كأسرة. وقتها لم أكن مستعدا ولم تكن لدي خطة محددة عن كيفية التحدث عن مانشاهده حولنا من أمور هنا في كندا
والتي لم نكن معتادين على رؤيتها في مصر.
أقمنا في منطقة يسكن بها المثليين أو الشواذ جنسيا حينها كان عمر ابني 8 سنوات وابنتي 4 سنوات فتحدثت أنا وزوجتي حول هذه الأمور. قررنا اتباع أسلوب التحدث بوضوح وعدم الفصل بين الثقافتين لأننا جئنا هنا للاستقرار ولانريد أن نبني جدارا عازلا بيننا وبين الآخرين.
فتحدثنا معهم أن هناك أناس مختلفون عنا في كل بلدان العالم حتي في مصر وهذا لايعني أن نقلدهم أو يقوموا هم بتقليدنا.
الفرق بين كندا ومصر، في كندا هذه الأمور موجودة حولنا ونتحدث عنها لكن هذا لايعني أنها غير موجودة في مصر
بالعكس لدينا في مصر العديد من الأمورغير المقبولة لكننا نتعامل معها إما بالتجاهل أورفض الحديث عنها.
شعرت أن الفرصة أكبر في كندا أن يكون هناك تواصل بيني وبين أولادي حيث هذه المواضيع مفتوحة وقابلة للنقاش.
الأمر الآخر الذي أشعر أن هناك تركيزا كبيرا عليه هنا، في كل المسلسلات التي يشاهدها الأولاد أن الإخوة لايحبون بعضهم ودائما في صراع وأن أفراد العائلة غير مترابطين
في حين تجد أن العائلة أكثر ترابطا في بلادنا العربية.
فهذا الأمر يحتاج إلى بذل مزيد من الجهد للتعامل معه أكثر مما لو كنا في بلد عربي.
لكن عدا ذلك أعتقد أننا جميعا لدينا نفس المعاناة.
لم أواجه تحديات كبيرة بالحياة الاجتماعية لأني استطعت اختيار مدينة جيدة وهي مدينة "ميسيساجا" بها نسبة كبيرة جدا من الجالية العربية والجالية الاسلامية
مما جعلنا نشعر باستقرار اجتماعي نوعا ما حيث كانت لدينا علاقات جيدة جدا كصحبة وصداقة حيث كان هناك زيارات متبادلة وتشعر أنك لست في غربة.
التحدي عادة مايواجه المهاجرين ممن يذهبون إلى المناطق التي يوجد بها أقليات من العرب والمسلمين حيث التحديات الاجتماعية كبيرة جدا هناك.
صحيح أن المعيشة في هذه المدن باهظة الثمن مثل مدينة "ميسيساجا" ولكن في المقابل الانسان لايستطيع أن يحصل على كل شيء
فإذا أردت أن تستقر لابد أن تتكلف ماليا خصوصا إذا كنت عربي مسلم فالعرب والمسلمون دائما يتكتلون في مناطق تكلف الكثير من المال.
شعرت أن كل جالية عربية تحاول أن تعزل نفسها وسأتحدث هنا عن الجالية المصرية حيث تجد تجمعا للأقباط وتجمعا آخر للمسلمين
والذي ينقسم بدوره إلى مجموعات منها مجموعة من المصريين الذين لايريدون الاختلاط مع المصريين أو العرب.
أتفهم وجهة نظر كل مجموعة ولكني أري أننا كجالية عربية نتحدث لغة واحدة حينما نفعل ذلك نقلل من فرصنا في النجاح.
كلما فتحنا الأبواب وسمحنا للعرب بالتعارف أكثر كلما كان أفضل لنا جميعا.
سافرت لأكثر من 40 دولة وبكل دولة أجد هناك حي صيني.
هذا الحي الصيني تراه كأنه قطعة من الصين نفسها وتجدهم محافظين على ثقافتهم حتى أن لافتات المحلات مكتوبة باللغة الصينية قبل لغة الدولة التي يعيشون بها
وتجد أن الشعب الصيني محافظا على ثقافته وعاداته وتقاليده وأعرافه بدون أن يتأثر ببلد المهجر
وبدون أن يضطر لتغيير أي شيء او أن يتنازل عن أي شيء ونتغنى بهذا الفخر الموجود لدى الصينيين كلما رأيناهم في سفرنا
ولكن حين نريد أن نتمسك بثقافتنا العربية ونعتز بها تجد أن أول من ينتقدك هم العرب أنفسهم
ويقولوا لك "العرب جرب" وفي بعض الأحيان تجدهم يرغبون في عزل أبنائهم
ليكبر هؤلاء الأولاد وهم منفصلون كل الانفصال عن الثقافة العربية والعادات والتقاليد والأعراف.
يتبع...
شاركونا آراءكم
ثقافة
تعليم
اشتركوا في القناة