بس لو إنك مش بنت
مرحبا، أنا جنة من فريق صوت.
بالموسم السابع من بودكاست عيب،
رح نشارككم بمقاطع من دفاتر يومياتنا.
بكل حلقة رح نروي لكم قصة صغيرة من قصصنا إحنا الخمسة.
إحنا مختلفين كتير وما بيجمعنا إلا تفصيل صغير.
إنه كل الوقت في حدا تاني عم يقولنا مين إحنا وكيف لازم نكون.
اليوم رح أترككم مع بيسان.
أنا بيسان.
في أحداث بقصتي عتيادية كتير.
قصدي على الأغلب صارت مع نساء كتير غيري.
بس مش عادي تصير.
كنت عم تسوق السيارة طبيعي بقزمة عمان.
كأنا تجاوزت عن تاكسي ونساية.
بس وقفت على الإشارة بنفس الشارع.
بيجي وبوقف جنبي وبيقشرلي الشوفير إنه نزل الشباك.
مع أنه كان الجو لطيف بهذا الكنهاد.
بس أنا متعودة لما أوقف على الإشارة أسكر الشبابيك
مشان أعزل حالي شوي عن العالم اللي برا.
لأنه ببساطة مش ناقصني طلطيش حكي وابتسامات وصفنات غريبة.
المهم.
نزلت الشباك متل ما بده لأنه فكرت رح يسألني عن إشي.
طلعت عليه.
ظلمة مبين عليه كبير بالأربعين.
شعره شايب.
وجهه تعبان.
كان مبين معصب.
وقاللي بالحرف الواحد.
بس لو إنك مش بنت.
عقلي ترجمها.
كيف تجرأتي يا مجرد بنت تتجاوزي عني.
ظلت بتطلع فيه مصدومة ثواني مش أكتر.
ما رديت ولا كلمة.
ما بعرف ليه.
بس هل ياتري هو أصلا كان مستني إني أرد؟
ما بعرف.
المهم.
سكرت شباكي وبعد شوي فتحت الإشارة وكملت طريقي.
رحت أنا بطريق وهو بطريق.
بس كنت لسه عم شوفه عم يحكي مع حاله.
معقول كان بيسب علي؟
أو يمكن كان بشتكي من سوق النسوان؟
طيب شو دخل إنه سيارة تجاوزت عنه بأنه ليس عيقة بنت؟
ولو شب اللي تجاوز عنه كان وقف وقله بس لو إنك مش شب؟
معقول نهزكي عنه لأنه في حدا تجاوز عنه من الأساس وكمان طلعت بنت؟
بس أكيد أدهشتني الجرئة اللي عنده.
إنه يعمل تصريح عن الموضوع ويخبرني إنه مشالي إياها.
أو لا، يمكن سامحني لأنه ببساطة بنت.
بصراحة أنا بحس أيامي مثل كأنها معارك صغيرة.
كأني ماخدة وضعية الدفاع كل الوقت.
بالشغل بدي أثبت حالي.
وفي البيت بدي أسمعهم صوتي وأخد قراري لحالي.
وفي العلاقات لازم أتأكد إنه ما حد عم يستغلني.
حتى إذا وقفت على إشارة بسيارتي بسكر الشباك والإفل لأنه لازم أحمي حالي.
المشهد الثاني.
السبت التسعتاش تموز. ألفين وعشر.
بصحة الصباح بكير بالشكل المعطلى ولا إلا dakouta.
باللون الملكي.
بعمل قهوة بشغل الموسيقى اللي بحبها.
أنا غالباً على الصباح بقعد بشيك الأخبار بفتح تويتر كالعادة وبشوف شو القصة اليوم.
لأنه دايماً في جدل على تويتر حول قصة النمى.
بيطلع لي الفيديو.
الفيديو اللي صوروه جيران أهل المرحومة أحلام وهي عم تصرخ بالشارع بآخر لحظات حياتها.
لما كان أبوها عم يقتلها.
طبعاً مش قادرة أكمل الفيديو لآخره.
عم بقرأ الناس شو كاتبة وعم بكي.
كتران الجرائم ضد النساء بهاي المنطقة.
ومرات بيكون في فيديو بيوثق الجريمة مثل ما صار بأساس أحلام وأسرع غريب بفلسطين وغيرهم.
ومرات ما في فيديو.
وفي الحالتين عقلي غسب عني.
بصير بيتخيل شكل الجريمة وبيرسم تفاصيلها ومرات بتخيلها إنه حدا بعرفه.
مع إنه هاي الجرائم عم تتكرر ما عم بقدر أتعود.
وكل مرة كأنه أول مرة.
مشاعر من الغضب والإحباط والعجز والحزن ممزوجين ببعض بيفوتوا على قلبي مرة وحدة وبصير أسود.
بهذاك نهار كان بدي أكتب شي على سوشل ميديو أو مثلاً أشارك بهاشتاج سرخات أحلام.
بس ما قدرت.
وضلت عم بكتب وبمحي.
بكتب وبمحي.
يمكن لأنه اللي بقلبي وبعقلي أكبر بكتير من إنهم ينكتبوا.
بسكر الانترنت وبلملم حالي المضطربة وشعوري بالعجز وبحاول أكمل فيهم نهاري.
المشهد الثالث.
تذكرت هلأ شي صار معي بتموز بـ 2011.
يومها رحت مع صحابي نحضر عرض مسرحي راقص في مركز الحسيني الثقافي برئاس العين بعمان.
كان وقت هالمركز باستضيف فعاليات ثقافية ضمن برنامجه السيفي.
هذيك الليلة،
وكانت مرحلة مميزة لأجل تحديد المسرح.
كانت مرحلة مميزة لأجل تحديد المسرح.
كان العرض بجنن.
والحقيقة، أنا طول عمري بحب الرقص وبعشاء الموسيقى.
عم نمشي أنا وصحابي، كل حد يحب الموسيقى.
وكل حد يحب الرقص.
عم نمشي أنا وصحابي، كل حد من بلد، مختلفة، عرب وأجانب، طالعين من المسرح بعد ما خلص العرض.
وقفني رجل الأمن اللي عالباب، وسألني بصوت واطي.
عمه بدي أسألك، أنت مسلمة؟
جاوبت مباشرة بدون وعي، آه.
عم بستنى يكمل الحوار، دليت واقفة،
بس ما قال شي تاني،
يمكن كنت محتاجة هالخطوطين حتى أستوعب، فرجعت لعنده وسألته.
ليه هذا السؤال؟ مش كأنه غريب؟
ردت مرة زميلته قاعدة جنبه،
ما تزعلي عادي، يعني هو بس استغرب،
فكرك إجنبية عشانك بتحكي إنجليزي،
وبتضحك،
ومش كأني أحبك،
ومش كأني أحبك،
ومش كأني أحبك،
ومش كأني أحبك،
ومش كأني أحبك،
ومش كأني أحبك،
ومش كأني أحبك،
وبسراحة، كملت.
لأنك الوحيدة المحجبة في المدرج،
جاوبت بسرعة، لأ أنا عربية مش أجنبية،
وكان هذا الإش الوحيد اللي هيك قلته بلا جهد.
وقفوا صحابي بالشارع يتناقشوا بالعرض، ويدحكوا يحكوا،
وأنا بس واقفة صرحانة مش فاهمة،
هالقد ما كاني مش هون،
هوا المحجبات ما بيحضروا مسرح،
أو العرب ما بيحضروا مسرح.
معقول؟ فيه اختلاف هلأد كبير بين جمهور العرض هداك اليوم وشكلي أو مظهري؟
دليت عم بطلع على حضورهم الطالعين.
كان معهم حق،
أنا الوحيدة المحجبة هداك اليوم.
صدفة هيك، أو هيك هو الوضع الاعتيادي،
ما بعرف.
المشهد الرائع.
يوم قررت ترك الحجاب كان يوم مثل باقي الايام عادي.
يعني ما كان فيه لا قرع طبول، ولا اشي بيدل على انه هدا اليوم رح يكون يوم مفصلي، ويغير حياتي.
والحقيقة اني اخدت قراري قبل ما انام بدون ارهاق للدماغ.
قلت لحالي ببساطة، تاني يوم رح اروح على الشغل بلاه، وخلص.
هداك الليلة مش ذاكرتها منيح،
وما فيه ظروف محددة بهداك الفترة قدت انو انا اخد هذا القرار.
بالعكس، كانت ايامي ونشاطاتي كالمعتاد،
بس بتذكر انو نهاري بتشرين، والجو كان شوي بدي.
بعرف انو هدا اليوم مهم، بس ما بتذكر تاريخه.
لان كل الاحداث اللي صارت قبله هي المهمة،
متل القصة اللي قلتلكم ياها من شوي.
حوالي ست سنين ويمكن اكتر، وانا عايشة بتناقض كتير كبير،
بين حجاب، اخترت ألبسه يوما ما، وكان يمثل قناعاتي بالاسلام وباكس أفطاري،
وانا بيشتغلت فيه، وانا بيشتغلت فيه، وانا بيشتغلت فيه،
بين حجاب، اخترت ألبسه يوما ما، وكان يمثل قناعاتي بالاسلام وباكس أفطاري،
وبين الانا، الي صرت شوف حالي فيها.
طبيعي انو حالي القديمة تغيرت، وافكاري تطورت،
لكن التغيير بقناعاتي بين حالي القديمة والجديدة كان كبير.
حالي القديمة يمكن كانت مخلفات أفكار وتجارب من عمري المراهقة، ومن وقت المدرسة، وأول سنين الجامعة.
حالي القديمة كانت متأثرة كتير بدروس الدين والوعيضات،
اللي ما زلت أحترمهم لأنه أخلاقهم كانت عالية، بس بختلف معهم كتير.
حالي القديمة كانت بتفكر انو يمكن التحرش سبب ولبس المرأة،
متل ما حفظونا، بس بعد سنين من التجارب العملية، بطلت صدق هاي الخريافة.
حالي القديمة كان عندها أسئلة كتير عن الدنيا،
وما كانت تلاقي الإجابات لا بكتب المدرسة ولا بدروس الدين.
شعوري بالغربة عن الذات كان مسيطر على حياتي.
كنت بحس انو مظهري ولبسي شي مختلف تماما عن شو بدور براسي.
كنت عن جد عم بطلع على المراية كنت بحس حالي مش أنا.
طول عمري، بأعاداتي مع صحابي، بنقاشاتي بالجامعة، وبالشغل،
بعبر عن أفكاري التحررية والمبادئ الثورية اللي أهلي ربوني عليها.
إيماني بهاي الأفكار ما تغير، متل انو الإنسان حر بمصيره،
ولازم يقدر يعيش ويحكي ويعبر بحرية.
بس زمان كنت بلاقي انو أنا اللي عم تحكي عن الحرية مش قادرة تعبر عن حالها.
قرار المفروض يكون شخصي وبحرية.
حجابي فعلا كان بيفرط توقعات معينة، صرت أحس كأنو أنا بقالب ومحبوسة فيه.
كنت أحلم يجي اليوم اللي إذا حدا تطلع علي يحتار ما يعرف شي عني.
كنت حس هاي التوقعات، وكنت أحس كأنو أنا بقالب ومحبوسة فيه.
كنت حس هاي التوقعات والافتراضات قيود حقيقية عم تسرق مني حريتي بإني ببساطة أكون أنا.
الأنا الجديدة عم تتعلم وعم تتغير كل يوم.
هاي الأنا اللي من حقي فيها أرفض أو أتبنى أي أفكار أو فلسفة حياة بتناسبني.
قبل، فكرة المسؤولية اتجاه العائلة كانت تمسيطرة على تفكيري.
ما أنا عايشة بمجتمع شرقي بيخبرني أنو للأب سلطة لا متناهية على حياة الأبناء، وأنو مش من حقي أخد قرار ممكن يمس بسمعة العائلة.
كنت أفكر بإخواني وبتعليقات الناس، وكنت أفكر أنو في عالم ما بعرف أخبارها وما بشوفها غير مرّة كل سبع سنين، ممكن تحكي عنها.
حتى بعد ما أخدت هالقرار، ما أخلصت من أسئلة وجدالات طويلة.
كان في عالم حوالي تتصرف وكأني محتاجة أبررها.
في ناس احتفلت فيي، وباركتلي، في ناس حزنت عليّ، ودعت الله يهديني، وفي ناس عصّبت، وبلشت اتراقب بلبسي وتصرفاتي.
من شهرين، بيوم خريف لطيف، عم بشرب قهوة مع صديقة لقالي كتير قريبة من قلبي.
صديقتي هاي بتحب الحياة كتير وعندها إيمان وأمل قويين.
ذكرتني بعد سنين طويلة، إنو وقت ما أخدت هالقرار هي سألتني، ليه يا بيصان؟
بتذكر حكيت لها، حاسة حالي هيك سادة أكتر مع حالي ومع العالم، ومع أصدقائي.
أنا هيك برتاحة.
كنا معكم بالكتابة والتقديم بيصان غالب، وبالتحرير لما ربح، وبالتصميم الصوتي محمود أبو ندا.
ترجمة نانسي قنقر