تحرير المرأة الغربية - القصة الكاملة (3)
وبِيَدِ تُجَّارِ الرَّقيقِ الأبيضِ وأصحابِ المجلَّاتِ الهابطةِ،
والمُتحرِّشِينَ بِها في وسائلِ المواصلاتِ، وفي الجامعةِ، وفي مكاتبِ العملِ،
وفي عياداتِ العلاجِ...
وأصبحَتْ "مَلْطَشَةً" لعشيقِهَا وللقريبِ والغريبِ
أتعرفونَ -إِخوانِي وأَخواتِي-...
وأنا أُحضِّرُ المادَّةَ لهذِه الكلمةِ وأجمعُ خيوطَها الكثيرةِ،
غَلبَ عَليَّ شعورٌ بالإشفاقِ على المرأةِ الغربيَّةِ
وأَدركْتُ -أكثرَ فأكثرَ- ماذَا خَسِرَ العالمُ بانحطاطِ المسلمينَ
هذَا ونحنُ لَمْ نَتكلَّمْ عَنِ المرأةِ الشرقيَّةِ في المجتمعاتِ غيرِ المُسلمةِ،
كالمرأةِ الصينيَّةِ واليابانيَّةِ...،
والَّتي لا تقِلُّ قِصَّتُهَا سوءًا عَنْ أختِها الغربيَّةِ
ولَمْ نتكلَّمْ عَنْ عدَمِ حصولِ المرأةِ على أجورٍ مُساويةٍ للرَّجلِ،
ولا ترقِيَتِهَا في الوظائفِ مثلَ الرّجلِ
وهوَ موضوعٌ آخرٌ طويلٌ...
قَدْ يقولُ قائِلٌ:
"أنتَ تعرِضُ الجانبَ المظلمَ مِن وضعِ المرأةِ الغربيَّةِ، اِعرِضِ الجانبَ المُشرقَ!"
الجانبُ المُشرقُ؟!
أيُّ إشراقٍ للمرأةِ في هذَا الوضعِ البائسِ
الّذي تَتعالى فيهِ أصواتُ النّساءِ مؤخَّرًا مطالباتٍ بحمايَتِهِنَّ،
بَعدمَا أصبحَ الوضعُ لا يُتحمَّلُ، ولا يُمكِنُ تَخبِئَتُهُ، ولا السُّكوتُ عَنْهُ؟
أيُّ جانبٍ مُشرقٍ؟
الاكتشافاتُ العلميَّةُ الَّتي اكتشفَهَا بعضُ النّساءِ؟ الشّهاداتُ العليَا؟
ما الفائدةُ إذا كانَتْ هذِه المُكتشِفةُ أوِ الدُّكتورَةُ
لَمْ تنجَحْ في تربيةِ جيلٍ يُوقِفُ حالةَ الاحتقارِ للمرأةِ والسُّعارِ الجنسيِّ في المجتمعِ؟
ما الفائدةُ مِن أُمٍّ مشغولةٍ بأبحاثِهَا،
وابنُهَا يَتعرَّضُ لِبناتِ جِنسِهَا بالتحرُّشِ والاغتصابِ أوِ الضَّربِ والإهانةِ؟
ماذا نَستفيدُ إذا وَصلْنَا إلى المِرِّيخِ، وَسَفُلَتِ الأخلاقُ إلى الحضيضِ الأدنَى؟
(صدى) إلى الحضيضِ الأدنَى
ثمَّ هَلْ نماذجُ النَّجاحِ المادِّيِّ لدَى النِّساءِ كانَتْ مشروطةً بالنِّدِّيَّةِ والاستقلاليَّةِ عنِ الرَّجلِ؟
هَلْ النَّزعةُ النَّسويَّةُ هيَ الَّتِي حقَّقَتْ هذِهِ الإِنجازاتِ؟
أَمَا كانَ يُمكنُ تَحقيقُها، بَلْ وَأكثرَ مِنهَا،
بالتَّكامُلِ، والتَّعاوُنِ، ومعرفَةِ كُلٍّ لحقوقِهِ وواجباتِهِ،
وتَنشئةِ جيلٍ سويٍّ نفسيًّا في أحضانِ أُسْرةٍ مستقرَّةٍ؟
في مقالِ (الجَاردِيانِ) -والَّذي ذَكرناهُ في البدايةِ- تقولُ (نَانْسِي فريزَر) كلمةً
تلُخِّصُ الكثيرَ مِنَ الصَّيحاتِ الَّتي صَدرَتْ مِنْ بعضِ النَّسويَّاتِ الغربيَّاتِ مُؤخَّرًا؛
تقولُ: "كواحدةٍ مِنَ النَّسويَّاتِ، كُنْتُ أَفترضُ دائمًا"
"أَنّنِي -بنضالِي لتحريرِ المرأةِ- كنتُ أقومُ ببناءِ عالمٍ أفضلٍ، أكثرَ مساواةً وعدلًا وحرّيّةً"
"لكنْ في الآونةِ الأخيرةِ،"
"بدأتُ أشعرُ بالقلقِ مِنْ كَونِ المُثُلِ العُليَا الّتي تُمثِّلُهَا النّسويّاتُ"
"أصبحَتْ تَخدِمُ غَاياتٍ مختلفةً تمامًا..."
"أخشَى -على وجهِ التَّحديدِ- أنَّ نقدَنَا للجنسانيَّةِ (التمييزِ الجنسيِّ)"
"أصبحَ مُسوِّغًا لأشكالٍ جديدةٍ مِن عدمِ المساواةِ والاستغلالِ"
هذِهِ هيَ النّتيجةُ لتحريرِ المرأةِ الَّذِي انطلقَ بِبوصلةٍ مُنحرفةٍ تمامًا
فتَلقَّفَها تُجَّارُ المآسِي، فاستخدَمُوهَا لأغراضِهِم،
ولا هيَ حصّلَتْ لِنفسِها بعدَ ذلكَ حقًّا، ولا عدلًا، ولا حرِّيَّةً، ولا مساواةً...
اِقرأْ واقرَئِي بعدَ هذَا كلِّهِ قولَ ربِّكَ عَزَّ وجَلَّ:
﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ
بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ ﴾ [النساء:34]
اِقرأْ قولَهُ تعالَى:
﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ
يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ﴾ [التوبة:71]
اِقرأْ وأنتَ ترَى (بالإنجليزيّة) "متلازمةَ المرأةِ المضروبةِ ضربًا مُبَرِّحًا"،
اِقرأْ قولَ ربِّكَ: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ ﴾ [النساء:19]
واقرأ: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ ﴾ [البقرة:228]
واقرأْ قولَ نبيِّكَ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:
«خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي» (صحَّحهُ الألبانيُّ)
وأنتَ ترَى (بالإنجليزيّة) التَّسليعَ الجنسيَّ "Sexual Objectification" للمرأةِ الغربيَّةِ،
اِقرأْ قولَه تعالَى:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ...﴾ [التحريم:11]
هيَ ليسَتْ شيئًا ولا سِلْعَةً ولا إنسانًا عادِيًّا،
بَلْ مثالٌ يُحتذَى لِلَّذينَ آمنُوا!
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ ﴾ [التحريم:11]
اِمرأةٌ مؤمنةٌ، ثارَتْ على فرعونَ الَّذي استعبدَ النَّاسَ،
هيَ قدوةٌ للنِّساءِ أنْ يَثورُوا على فراعنةِ اليومِ الَّذينَ يُريدونَ استعبادَ البشريَّةِ أيضًا
"امرأةَ فرعونَ"... وبعدَهَا، في الآيةِ الَّتي بعدَها: "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ"
إذَنْ، نساءٌ أصبَحْنَ مثالًا يُحتذَى لإيمانِهِنَّ، لا لنَتاجِهِنَّ المادِّيِّ، ولا لجاذبِيَّتهِنَّ الشَّكلِيَّةِ
وأنتَ ترَى الَّذينَ يتَّخذونَ المرأةَ سِلْعَةً جنسيَّةً، اِقرأْ غضبَ ربِّكَ عزَّ وجلَّ لعِرضِ المؤمناتِ،
غضَبَهُ على مَنْ يَمسُّونَ سُمعةَ عِرضِهَا، فيقولُ ربِّي سبحانَهُ:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ
لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور:23]
اِقرأْ واقرئِي:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ
ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [الأحزاب:59]
اِقرأْ قولَ نبيِّكَ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:
«فَاظْفَرْ بِذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ» (مُتَّفقٌ عليهِ)
"ذاتِ الدِّينِ"؛ لأنَّها ليسَتْ سلعةً جنسيَّةً، ولا تُقيَّم بجاذبيَّتِهَا الجسميَّةِ،
بَلْ أهمُّ ما فيها دينُها وأخلاقُها
وأنتَ ترَى الإجهاضَ ورميَ البناتِ في الصَّناديقِ الدَّافئةِ أو تشرُّدَهُنَّ في الشَّوارعِ،
اِقرأْ قولَ نبيِّكَ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:
«مَنْ كُنَّ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ يُؤْوِيهِنَّ وَيَرْحَمُهُنَّ وَيَكْفُلُهُنَّ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ البَتَّةَ
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ؟
قَالَ وَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ» (حسَّنَهُ الألبانيُّ)
وأنتَ ترَى السُّعارَ المُنفلتَ، اقرأْ قولَ حبيبِكَ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:
«إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» (صحَّحهُ الألبانِيُّ)
واقرأْ -بعدَ هذَا كلِّهِ- قولَ اللهِ تعالَى في سورةِ النِّساءِ:
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)﴾
﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27)﴾
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا(28)﴾ [النساء: 26-28]
اِقرأْ وانظُرْ إلى حاجتِنَا إلى دينِ ربِّنَا لِينعُمَ الرّجلُ والمرأةُ،
بَلْ وإلى حاجةِ البشريَّةِ بعدَ ذلكَ، لنُنْقِذَهَا مِمَّا هيَ فيهِ منْ ضياعٍ،
وانظرْ إلى الَّذينَ يريدونَ -بدلًا مِن ذلكَ- أنْ نَجترَّ وتَجترَّ مُجتمعاتُنا بُؤسَ المرأةِ الغربيَّةِ
وَهُمْ موضوعُ حلقتِنَا القادمةِ بإذنِ اللهِ
والسَّلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللهِ