شرح الثقوب الدودية - كسر الزمكان
إذا رأيت ثُقبًا دوديًا، سيبدو
مستديرًا، أو كرويًا، أو كالثُقب الأسود.
يمر الضوء من الجانب الآخر
ويمنحك نافذة إلى مكان بعيد.
بمجرد العبور، يظهر الجانب الآخر تمامًا،
حيث يتراجع منزلك القديم الآن
إلى تلك النافذة الكروية المتلألئة.
لكن هل الثقوب الدودية حقيقية أم أنها
مجرد سحر مقنُّع بزي الفيزياء والرياضيات؟
إذا كانت حقيقية،
فكيف تعمل وأين يمكننا إيجادها؟
لمعظم تاريخ البشرية، اعتقدنا أن الفضاء بسيط جدًا.
منصة مسطحة كبيرة تتكشف فيها أحداث الكون.
حتى لو أزلت المجموعة من الكواكب والنجوم،
فلا يزال هناك شيء متبقِ.
هذه المنصة الفارغة هي الفضاء،
وهي موجودة. خالدة ولا تتغير.
غيرت نظرية النسبية لأينشتاين ذلك.
تقول أن المكان والزمان يكوِّنان معًا المنصة،
وهما ليسا متماثلين في كل مكان.
يمكن للأشياء على المنصة أن تؤثر عليها،
فتتسَبَبُ بتمددها وانكماشها.
إذا كانت المنصة القديمة كالخشب الصُلب الثابت،
فمنصة أينشتاين تشبه السرير المائي.
يمكن ثني هذا النوع من الفراغات
المرنة وربما حتى تمزيقه وترميمه،
ما قد يجعل الثقوب الدودية ممكنة.
دعونا نرى كيف سيبدو ذلك بتقنية 2D.
الكون مثل ورقة مسطحة كبيرة.
عند الثني بالشكل الصحيح،
يمكن للثقوب الدودية الربط بين
نقطتين بعيدتين بجسر قصير
يمكن عبوره على الفور تقريبًا.
فيمكّنك من السفر في الكون
بشكل أسرع من الضوء.
إذًا أين يمكننا أن نجد ثُقبًا دوديًا؟
حاليًا على الورق فقط.
تقول النسبية العامة إنها ممكنة،
لكن هذا لا يعني أنها موجودة.
النسبية العامة هي نظرية رياضية،
إنها مجموعة معادلات تتضمن إجابات عديدة ممكنة،
لكن لا تصف كل الرياضيات الواقع.
لكنها ممكنة من الناحية النظرية
وهناك أنواع مختلفة:
جسور أينشتاين روزن
النوع الأول من الثقوب الدودية المفسّرة
كانت "جسور أينشتاين-روزن"
وهي تصف كل ثقب أسود على أنه
بوابة إلى كون متوازِ لانهائي.
لنتخيلها بتقنية 2D مجددًا.
الزمكان الفارغ مسطح،
لكنه منحنٍ بواسطة الأجسام الموجودة عليه.
إذا ضغطنا ذلك الجسم،
فسيصبح الزمكان أكثر انحناءً حوله.
في النهاية، يصبح الزمكان مشوهًا
لدرجة أنه لا خيار أمامه سوى
الانهيار في ثقب أسود.
يتشكل حاجز باتجاه واحد،
أفق الحدث، الذي يمكن لأي شيء أن يدخله
ولكن لا يستطيع الهروب منه،
محاصر بمفرده إلى الأبد.
لكن ربما لا توجد نقطة تفرد هنا.
أحد الاحتمالات هو أن الجانب الآخر
من أفق الحدث يشبه إلى حد ما كوننا،
مرة أخرى، لكنه ينعكس رأسًا على عقب،
حيث يمر الوقت للخلف.
في كوننا، تسقط الأشياء في الثقب الأسود.
في الكون الموازي مع الزمن الرجعي،
يقذِف الثقبُ الأسود المنعكس أشياءً،
مثل الانفجار العظيم.
وهذا يسمى الثقب الأبيض.
لسوء الحظ، لا يمكن عبور
جسور "أينشتاين-روزن".
يستغرق الأمر وقتًا لانهائياً
للعبور إلى الكون المعاكس،
كما أنها ستتجعد في المنتصف.
إذا دخلت ثقبًا أسود،
فلن تخرج من الثقب الأبيض. لأنك ستموت.
لذا، للسفر في الكون بسرعة،
يحتاج البشر ثقوبًا دودية من نوع آخر،
"ثقب دودي يمكن عبوره".
الثقوب الدودية لنظرية أوتار قديمة جدًا
إذا كانت نظرية الأوتار، أو أحد أشكالها،
هي الوصف الصحيح لكوننا،
فقد نكون محظوظين وقد يكون للكون
شبكة متشابكة من الثقوب الدودية اللانهائية.
بعد وقت قصير من الانفجار العظيم،
ربما تكون التقلبات الكمية في
الكون على المقاييس الأصغر، أصغر بكثير من الذرة،
قد أنشأت ثقوبًا دودية كثيرة يمكن عبورها.
تترابط من خلالها أوتار تسمى أوتار كونية.
في أول جزء من مليار تريليون
من الثانية بعد الانفجار العظيم، سُحبت أطرافُ الثقوب الدودية
متناهيةُ الصغر بعيدًا لسنوات ضوئية،
وتشتت في الكون.
إذا نشأت الثقوب الدودية في الكون المبكر،
سواء بالأوتار الكونية أو بشكل آخر،
فقد تكون قد انتهت، وفي انتظار اكتشافها!
قد نكون أقرب مما نتخيل.
تبدو الثقوب السوداء وتلك الدودية متشابهة من الخارج،
ما دفع فيزيائيين إلى تخيل أن
الثقوب السوداء الهائلة في مركز
المجرات هي ثقوب دودية.
من الصعب السفر إلى مركز
درب التبانة لمعرفة ذلك، لكن لا بأس.
قد توجد طريقة صعبة جدًا لحصولنا
على ثُقب دودي: أن نحاول صنعه.
ثقوب دودية من صنع الإنسان
ليكون مفيدًا وقابلًا للعبور،
يجب أن يتمتع الثقب الدودي ببعض السمات.
أولًا، حتمًا يجب أن يربط بين
جزأين متباعدين من الزمكان.
مثل غرفة نومك والحمام،
أو الأرض والمشتري.
ثانياً، يجب ألا يحتوي على أي
أفق حدث يعيق السفر في الاتجاهين.
ثالثاً، يجب أن يكون حجمه كافيًا
بحيث لا تقتل قوى الجاذبية البشرية المسافرين.
المشكلة هي إبقاء الثقوب الدودية مفتوحة.
بغض النظر عن كيفية صنعها،
فالجاذبية تحاول إغلاقها.
تريد الجاذبية أن تغلقها وأن تقطع الجسر،
لتترك ثقوبًا سوداء عند الأطراف.
سواء كان ثقبًا دوديًا يمكن عبوره
وكان طرفاه في كوننا أو ثقبًا دوديًا
إلى كون آخر فسيحاول الإغلاق
طالما لا شيء يبقيه مفتوحًا.
للثقوب الدودية القديمة بنظرية الأوتار،
تلك هي وظيفة الوتر الكوني.
للثقوب الدودية المصنوعة،
نحتاج مُكوَنًا جديدًا: مادة غريبة.
ليست كأي شيء على الأرض، أو حتى المادة المضادة.
إنها شيء جديد تمامًا ومختلف ومثير،
بسمات مجنونة لا مثيل لها نهائيًا.
المادة الغريبة هي أشياء لها كتلة سالبة.
الكتلة الإيجابية، جذابة بفعل الجاذبية،
كالبشر والكواكب وكل شيء في الكون.
لكن الكتلة السالبة تنافرية. تدفعك بعيدًا.
هذا ينشئ "جاذبية مضادة" ما تدعم فتح الثقوب الدودية.
ويجب أن تضع المادة الغريبة
ضغطًاً هائلًا لإبقاء الزمكان مفتوحًا،
أكبر حتى من الضغط في مراكز النجوم النيوترونية!
مع المادة الغريبة، يمكننا نسج الزمكان
بالشكل الذي نراه مناسبًا.
قد يكون لدينا ما يصلح لتكوين
هذه المادة الغريبة: فراغ الفضاء نفسه.
تؤدي التقلبات الكمية في الفضاء الفارغ
إلى إنشاء أزواج من حبيبات وجسيمات مضادة،
لكن يتم القضاء عليها فورًا.
فراغ الفضاء يغلي معها،
ويمكننا التلاعب بها لإنتاج تأثير
مشابه للكتلة السلبية التي نبحث عنها
يمكننا استخدام هذا لتحقيق الاستقرار في
الثقوب الدودية لدينا!
بمجرد أن نبقيها مفتوحة، ستبدأ الأطراف معًا،
لذا علينا نقلها إلى أماكن أفضل.
قد نبدأ بتوصيل المجموعة الشمسية،
وتركِ طرف لكل ثقب دودي في مدار حول الأرض.
وقد ندفع الأخرى إلى الفضاء السحيق.
يمكن أن تكون الأرض مركزًا للثقب
الدودي لحضارة إنسانية شاسعة بين النجوم،
منتشرة على سنوات ضوئية
لكن على بُعد ثقب دودي.
مع ذلك، فالثقوب الدودية لها جانب مظلم.
فحتى فتح ثقب دودي واحد يخرِق الكون من أساسه،
ما قد يُنشِئ مفارقات السفر عبر
الزمن ويخرق البنية السببية للكون.
يعتقد علماء كُثر أن هذا لا يعني
أنه يستحيل صنعها فقط،
إنما يستحيل وجودها.
لذا ما نعرفه حتى الآن أن الثقوب
الدودية موجودة في قلوبنا،
وعلى الورق في شكل معادلات.
إذا كنت تريد مواصلة استكشاف عجائب الكون اللانهائية،
استخدم أحد منتجاتنا الفضائية
وادعم Kurzgesagt مباشرةً.
مثل ملصقاتنا لسماء الليل ونسختنا التعليمية
أو ملصقات جميلة ذات
مناظر خلابة أو مضيئات الظلام!
بنفس قدر اهتمامنا وشغفنا بالفيديوهات،
نهتم بمنتجاتنا بدءًا من المفكرات
وصولًا إلى الملابس القطنية،
الدبابيس، السترات والقمصان.
كل ذلك يهدف إلى إثارة فضولك
للفضاء والطبيعة والحياة نفسها.
هذه أيضًا أفضل طريقة لدعم عملنا على القناة.
لكن لا تشعر أنك مضطر للدعم!
تساعدنا المشاهدة والمشاركة كثيرًا
ونحن ممتنون لأن كثيرين منكم
يهتمون بما نحاول فعله هنا.
شكرًا على المشاهدة.