الذاكرة السياسية: سهى بشارة - الجزء الثالث
أهلا بكم مشاهدينا الكرام. أنا طاهر بركة، احييكم واقدم اليكم حلقة جديدة من برنامجكم "الذاكرة السياسية، نتابع في هذه الحلقة مع سهى بشارة، الاسيرة اللبنانية المحررة التي نفذت محاولة اغتيال أنطوان لحد، قائد ميليشيا جيش لبنان الجنوبي سابقا.
اهلا بك معنا مجددا سهى في الذاكرة السياسية.-أهلا.
أهلا.
هل كان هناك صفقة لإطلاق سراحك، كما يقول انطوان لحد نفسه، عندما اشار الى صفقة لبنانية، فرنسية، اسرائيلية؟
من داخل المعتقل
أنا لست على اطّلاع على أي شيء. يعني، معتقل الخيام هو مكان بلا عنوان.
كل من دخل إليه، كان يعرف لحظة أن يعتقل، لا أحد سيعرف اللحظة التي سيفرج بها عنه، حيا أو ميتا.
الداخل مفقود والخارج مولود.-تماما.
تماما.
فهذه الصورة هل من الممكن أن يُفرجوا عني، أو ليس من الممكن أن
يفرجوا عني، كنت اعتبرها، لا يمكن الإفراج عني الا بتغيرات
سياسية على الساحة الميدانية،
بالمواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي.
مثل التحرير او حرب كبيرة او ما شابه.
الذي هو التحرير. لقد تمّ الافراج عني قبل سنتين من التحرير.
صحيح. ثمانية وتسعين قبل التحرير سنة ألفين
ثمانية وتسعين، وهنا استطعت
بفضل طبعا والدتي ووالدي، أن أعرف بعض التفاصيل
ما هي التفاصيل التي عرفتها؟
وخاصة ايضا نهلة الشهّال.
هو أن...
فقط أريد أن اقول لك المعلومات التي لدي في البداية.
أن رفيق الحريري كان من أصدقاء جاك شيراك الرئيس الفرنسي، وأراد السفير الفرنسي في بيروت ان يقدم خدمة للحريري، في وقت محدد
لإطلاق سراح شيوعية
من معتقل الخيام، كي يستغل هذه المناسبة لتقوية زعامته. هذا
نُقل ايضا عن لحد.
أنت دققي لنا في ذلك وفقا للمعلومات التي وردتك.
أولا المسألة ليست مسائل شخصية، وبرأيي حتى أنطوان لحد لم يكن له أية سلطة بهذا الملف.
هو لم يقل أنه قال ذلك، لم يقل أنه كان لديه سلطة، هو قال صفقة لبنانية فرنسية، لبنانية يعني نقصد الحريري هنا، فرنسية عبر
السفير الفرنسي وجاك شيراك في باريس.
ولكن حتى الاسرائيلي
وإسرائيل
، نعم.
الاسرائيلي هو بالدرجة الأولى الذي يُحدّد ما هي أولوياته بالصفقة.
يعني كان في تلك الفترة،
اولا، هناك جمعية
تأسست في باريس، التي هي "جمعية اطلاق سراح سهى بشارة" وكان من ضمنها مجموعة من اللبنانيين، من ضمنها نهلة الشهّال، ميراي كسّار، هدى غصوب، إلى ما هنالك.
يعني أنت تقولين أن الضغط الشعبي هو الذي أطلق سراحك.
لا، لا، لا.
وكان هناك عمل محامين. ضمن المحامين، تمّ توكيل المحامية الاسرائيلية ليا [غير واضح].
عمليا ليس هناك من قضايا، ليس هناك لا من مرافعة ولا شيء، ولكن
خلال هذه السنوات العشر، المحامية الاسرائيلية كانت تطالب
دائما بمحاكمتي،
وخلال هذه العشرة سنوات، كان الاسرائيليون يقولون: لا، لا نستطيع ان نحاكمهم بالمحكمة الاسرائيلية العليا، لأن انطوان لحد هو
لبناني، والمسألة هي تتعلق بين اللبنانيين.
نحن ليس لدينا أية سلطة فيها. عندما أُنشئت هذه الجمعية في باريس، تمّ طلب
من توجيه رسالة، وكانت هناك أيضا دانيال ميتران ضمن هذه المجموعة، بالاضافة لبول كتلر والتي هي جمعية
تجمّع العلماء الفرنسيين، الذين تبنّوا
ملفّي. كل هذا أدى الى طلب من الرئيس جاك شيراك، كيف أنتم تقبلون
أن تستقبلوا إنسان في فرنسا
حجز شخص بدون محاكمة لمدة عشر سنوات؟ فكان الرد ان هذا غير صحيح، هو لا يدخل الى الاراضي الفرنسية
كلبناني هو يدخل كاسرائيلي، بجواز سفر اسرائيلي. هنا في هذه المرحلة، وبسرعة طلب المحامون
من المحكمة الاسرائيلية، هو اسرائيلي فإذن
نطلب بمحاكمته، واحد. اثنان، في الإعلام الفرنسي كان هناك مقالات صدرت عن هذه الشيوعية التي قامت بعملية ضد الاحتلال
الاسرائيلي.
بهآرتس نفس الشيء، في داخل اسرائيل نفس الشيء.
في نفس الوقت كان هناك جوا عاما، أن اسرائيل كانت تعمل على الاعلام العالمي، أن نحن في لبنان، نحن لا نحارب
ضد اللبنانيين. نحن لا نحارب ضد حزب الله. هو من هذا البلد ونشأ من هذا البلد، وهو لبناني ومن حقه أن يدافع عن هذا البلد.
لا، كان هناك صورة أننا كنا نحارب البعبع" الايراني الآتي الينا بلحى طويلة والمتجسّد بحزب الله. فكان هناك هذا... فجأة
ظهرت لهم أنا، سهى بشارة
التي ليست حزب الله، وهي إمرأة
وشيوعية، وأهلها مسيحيون.
يعني كل شيء يتناقض مع كل الحملة الاعلامية التي يمسكون بها.
وأنت ألست مسيحية؟
أهلي مسيحيون، اجل.
وأنت؟
بالنسبة لي، أنا لا أمارس الطقوس الدينية أبدا
لا المسيحية ولا الاسلامية، أنا إنسانة علمانية.
ففي هذا المكان، تصل لدرجة
معارك إعلامية الكل يشارك فيها.
عندك في المقابل، عملية للحزب الشيوعي من بعد عدة سنوات، هناك
محاولات وهم بيار ابو جودة وغسان [غير واضح]. محاولة اختطاف
مجموعة اسرائيلية،
بمناطق بقيت خلال كل هذه السنوات الأخيرة، مناطق
ليست ارض عمليات. اجتمعت أنا برأيي كل هذه العوامل...
بدون ضغوط سياسية؟
كل هذه العوامل اجتمعت إلى أن صدر القرار، زعجتنا كثيرا حتى ملفّي...
يعني القول بعد اكتمال هذه العوامل او اختمار هذه العوامل
طبعا، طبعا طبعا
استفيد منها سياسيا؟
يعني حتى الصين يعني في اجتماع بين وزير الاقتصاد الاسرائيلي ووزير الاقتصاد الصيني إثنان ذهبا ليتحدثا عن مليارات
الدولارات، فيأتي الصيني ويقول له: أنتم تحتجزون
شخصا، له عشر سنوات بدون محاكمة.
يعني كل هذا، طبعا من هذه؟
يعني حتى أنا أكيدة أن وزير الاقتصاد الاسرائيلي في حياته لم يسمع بمعتقل الخيام.
يسأل ويُفتّش، ما هو معتقل الخيام هذا؟ من أين أتيتم لنا به؟ عن ماذا تحدثوننا؟ ذهبنا لنتاجر ونتكلم بالمليارات.
لكن أنت من خلال معلوماتك تنفين كليا فكرة الصفقة-كليّا
كليّا
يعني بين الحريري والسفير الفرنسي لاطلاق سراحك.
هل لعب دور، يعني هل لعب دور
الحريري مباشرة؟ وبالنهاية جاك شيراك هو صديق للحريري.
يعني عندما كان
دخول الجمعية ومقابلة والدتي للرئيس جاك شيراك لم يحصل عبر الحريري، بل عبر علاقات التي هي من خلال بول كسلر
وجمعية العلماء في فرنسا الذين يقولون لرئيس الجمهورية، نريد أن نراك، فيلتقيهم. هذه من أهم الجمعيات الموجودة في فرنسا،
بالاضافة للسيدة دانيال ميتران. يعني العلاقة لم تأتِ
مع الرئيس جاك شيراك من خلال الحريري، لكن هذا لا يمنع ان الحريري كان أيضا، يعني عندما وصلته معلومات ان هناك شيئا
يتحضّر لاطلاق سراحها، في ذلك الوقت أراد رؤية أهلي.
الآن، خلف الكواليس، كم لعب دورا مباشرة وساعد، وأن جاك شيراك يتصل به هاتفيا ويسأله: هل نقابلهم؟ ويقول له نعم.
أيضا، كل هذه تفاصيل صغيرة جدا ولكنها تفاصيل أساسية،
تجتمع كلها وتلعب دورا في النهاية لأخذ قرار، يعني هذه المخلوقة تزعجنا، لماذا نريدها اكثر في معتقل الخيام؟
يعني من الأفضل أن نحرّرها ولا أن نبقيها عندنا.
نتابع بعد الفاصل سهى. مشاهدينا الكرام، فاصل قصير ثم نتابع ما لدينا في هذه الحلقة.
أهلا بكم من جديد مشاهدينا الكرام. نتابع واياكم في هذه الحلقة من الذاكرة السياسية مع سهى بشارة، الاسيرة اللبنانية
المحررة، التي نفذت محاولة إغتيال أنطوان لحد، قائد ميليشيا جيش لبنان الجنوبي سابقا.
أهلا بك معنا سهى مجددا.-أهلا.
أهلا.
هُددت بالاعدام، صحيح؟
هُددت بالاعدام وحتى يعني قيل
ان احدى المعتقلات قالت، ان الساحة التي قيل أنه سيتم إعدامي فيها حصل فيها تنفيذ عملية، بهذه الساحة وهي ساحة مرجعيون.
نعم.
طبعا، بعدها سألني المحققون: إذا تم إعدامك
ماذا تعتقدين سيحصل؟ قلت لهم: طبعا ممكن أن تخلق حالة أكبر
بموضوع المقاومة يعني.
من رفاقك يعني؟
نعم، من الرفاق.
وبالنهاية يعني
هو عدد
ضمن آلاف المقاومين. يعني الإعدام وعدمه لا يغير في المعادلة على...
ألم يكن لديك خوف أبدا؟
موضوع مواجهة الموت، أعتقد تخطيته
بين الاثنين وثمانين وبين سنة الستة وثمانين، والذي كان يزيدني قناعة، يعني هو موضوع
مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وتحرير الجنوب، هو اساس ليستطيع الانسان أن يبني هذا البلد، يعني الذي انا أحلم به.
هل فكّرت بعملية انتحارية؟
نعم، طبعا.
العمل الانتحاري كان بالنسبة لي هو جزء وأهون.
لم تُقدمي عليه، لماذا؟
بهذه العملية لم يكن لدي مشكلة في المواجهة، حتى لو كان الثمن التعذيب،
ثم التعذيب، ثم التعذيب.
وهو ما نتحدث عنه الآن. كيف كان يحصل هذا التعذيب، ثم التعذيب، ثم التعذيب؟
كان هناك نوعين من التعذيب هو التعذيب الجسدي، إن كان الجلد أو الكهرباء أو المياه، المياه الساخنة أو المياه الباردة،
التوقيف في الهواء. الخيام عالية، يعني باردة جدا.
كل يوم؟
في فترة التحقيق.
يعني إستمرت فترة التحقيق معي خلال تقريبا شهرين ونصف. لا، ليس يوميا التعذيب الجسدي، ثم يلازمه التعذيب النفسي.-كيف؟
كيف؟
التعذيب النفسي هو
انهم يسمعوك صوت أمك.
في نفس المعتقل؟
في نفس المكان، ترى رجليها، يُسمعوك صوت الشباب خلال تعذيبهم، إن كان بجلدهم...
شباب تعرفينهم؟-لا
، حسنا، بالمطلق.-صوت.
صوت.
لأنه أعتقل الكثير من أقاربك وأصدقائك.
الأصوات، نعم الأصوات يعني. بعدها هناك
نظام الأكل، الكيس، العصبة.
الذي يغطون به الرأس، الكيس؟
نعم، الكيس، وهناك العصبة فوق الكيس
يعصبون بها الأعين؟
يعصبون بها العينين.
في بعض الأحيان يضعون الشخص في زنزانة انفرادية، وخلال اربعة وعشرين ساعة لا يخرجونك الى الحمام، فهذا أيضا...
كيف كنت تمارسين الرياضة في الزنزانة الانفرادية الضيقة؟
الزنزانة رقم سبعة. كنت أمشي كل يوم اربعة كلم ونصف، أعدّهم. هي طولها تقريبا متر وثمانين، وعرضها تسعين سنتمتر،
فكنت أذهب وأعود، وكنت أتسلّق على الجدران.
ماذا اردت من ذلك؟
التسلّق على الجدران كانت بهدف
أول شيء، المحافظة على جسمي.
روحك المعنوية ايضا.
نعم، طبعا طبعا. يعني كان هناك ضرورة بالنسبة لي
أن لا يستطيعوا أن يحطموني نفسيا.
لم تريدي ان ينتصروا عليك من خلال ممارستهم معك في السجن؟
نعم، فكان من الضرورة أن أقوم بممارسة الرياضة، التي كنت أعتبرها أساسية جدا ولا زلت أعتبرها. ثانيا، الشيء الذهني.
التذكّر؟
لعب لعبة مثل الشطرنج.
لعبة الشطرنج، كنت أصنعها من خبز. حينما كنت في الانفرادي، أعمل الخبز وأخبئه، أعود وألعب لعبة الشطرنج.
بالخبز؟
بالخبز وأرجع لأكل الخبز.
كان يوجد محاولة دائما كيف الشخص مستمر، والأهم من ذلك هو كيفية التواصل مع
المعتقلين.
كيف؟
بالغناء، كنت أغني.
الأغنيات كانت رسائل معينة؟
الأغاني هي ... نعم كنت أعتبرها هي رسائل، يعني عندما تغني أحن إلى خبز
أمي، أو يا بحريّة هيلا هيلا، وأنا مش كافر، وحتى أيام لأم كلثوم ...
لكن كانت بعض الأغاني على ما علمنا هي شيفرة بين السجناء.
نعم، عندما انبنت صلات بيني... خلال ست سنوات انفرادي، انبنت صلة بيني وبين كفاح عفيفي، التي هي الفلسطينية الوحيدة التي تمّ
اعتقالها بمعتقل الخيام، ونتيجة هذه الصلة، كان يوجد شيفرة بيننا، عندما كانت تضع رسالة،
طبعاً لا يوجد أقلام، لا يوجد شيء في المعتقل، نحن اخترعنا القلم، نحن اخترعنا الإبرة،
يعني أخرجنا الخيط
الإبرة للخياطة.
الإبرة للخياطة، التي هي ليست فقط للخياطة، ليست فقط للتطريز،
يعني كانت هي للكتابة أيضا.
الإبرة؟
نعم، يعني وبالنسبة لي كانت هي حتى أرشف
مراحل ومحطات معينة داخل المعتقل، من ضمنهم مثلاً: استشهاد هيثم دباجة داخل المعتقل، أو جلد حنان موسى عندما
انتفضت بوجه المحقق.
هناك ورق ... كانوا يوزعوا جبنة للعالم الثالث، لا يوجد منه في
فرنسا، اسمه picon، هو إنتاج فرنسي، ولكن ينتج للعالم الثالث.
غلاف الجبنة هو عبارة عن ألمنيوم، فإما كنا نحفر على هذا الألمنيوم بحديدة، كنا نسحبها من علبة كهرباء،
فيها أسلاك كهرباء، ونقطع أسلاك الكهرباء، ومن هذه الأسلاك
استطعنا عمل الإبرة، استطعنا عمل الكروشيه، استطعنا عمل الأسياخ ليخيطوا، وطبعاً القلم لنحفر
الذي بعد ذلك تطور، وكفاح عفيفي ندين لها باكتشاف هذا القلم الرائع، الذي لا ينضب رصاصه. من ألمنيوم غلاف الجبنة،
حولته لقلم رصاص، لأنه هو من ألمنيوم، فكان يكتب.
ما هو أكثر شيء كان يؤذيك؟
أكثر شيء كان يؤذيني
يعني عندما يحدث اعتقال أمهات، كانت ولدت حديثاً، الولد
يبعد عن صدرها، والحليب يسحب من صدرها ورأسها مكيس، ويلقى في الحوض.
يعني هذا الكم من المعتقلات، اللواتي كانوا في المعتقل، وهنّ لا علاقة لهن بالمقاومة.
اللواتي اعتقلوا فقط ليضغطوا على زوجها، أو على ابنها، أو على أبيها، أو على أخيها.
مشهد تعذيب الأم أمام ابنتها، أو البنت أمام أمها.
كنت أريد أن أسالك، إذا كنت لا تزالين تؤمنين بأفكارك، نفس الأفكار التي كنت عليها، قبل خمسة وعشرين عاماً وأكثر؟
نعم، يعني كنت أحلم ببناء بلد،
ديموقراطي، علماني،
كلنا نكون فيه
سواسية.
متساويين أمام القانون، الذي يكون فوق الجميع.
كانت هناك ضرورة...
لكن هل شعرت بأن مت قمت به غيرت شيء؟
غيرت ممكن مع مستوى الحلم الكبير، لكن يوجد حلم يمكن
قلنا كلنا معاً أن نرجع، لأن الهوية ليست سهلة. لا بلد يستقبلك، لا أحد يستقبلك دون جواز السفر، انظر للفلسطيني.
الرجعة إلى الجنوب محرر، بعد اثنين وعشرين سنة.
يعني هذا تأكيد على انتصارنا،
وهذا يعني كل شيء قابل للنقاش، ولكن
تحرير الأرض، حماية الهوية، الحفاظ عليها، هذا شيء أساسي.
ماذا كان شعور الحرية؟
الحرية أمر جميل كثيرا
لكن أعتقد ما المساحة، هي التي تحددها، أهم شيء أن يكون الإنسان حر بينه وبين نفسه، حتى
داخل المعتقل، أنا كنت حرة، يعني لم أسمح لعدوي ولا مرة
يجعلني أقول شيء أنا لا أريد
أن أقوله.
هنا هي الحرية. الحرية هي عندما أنت لا تسمح لأي إنسان يصل
لمرحلة، يجعلك تتحول لدمى متحركة دون أن تفكر، وهذا الشيء أنا
أعتبره كان أساسي
وضروري كثيراً
وعشته داخل المعتقل، وخارج المعتقل.
سهى بشارة أشكرك جزيلاً على هذا الوقت الذي منحتينا إياه. شكراً لوجودك معنا في الذاكرة السياسية، وعبر العربية. شكراً
لإفصاحك عن كل هذه المعلومات التي يعني
يعني تبقى حميمة جداً بالنسبة إليك، أو محرجة في أحيان كثيرة،
ولكنك دائما ما قررت أن تطلقي العنان، لما حصل معك، ولإطلاع
الناس على تجربتك وهذه
أيضاً تحسب لك. شكراً جزيلاً.
شكراً لكم.
مشاهدينا الكرام، هكذا إذن
نكون قد وصلنا إلى ختام هذه الحلقة، وهذه السلسلة من الذاكرة السياسية، مع سهى بشارة، الأسيرة اللبنانية المحررة، التي نفذت
محاولة اغتيال أنطوان لحد، قائد ميليشيا جيش لبنان الجنوبي سابقاً.
إلى اللقاء في ذاكرة سياسية جديدة، مع شخصية جديدة.
تحياتي.إدخالي إلى إسرائيل، عندما دخلت إلى إسرائيل أزالوا الكيس عن
رأسي،
وهكذا عرفت أننا نحن بإسرائيل.
وهنالك تم التحقيق معي من قبل الضباط الإسرائيليين، وكان في محاولة أن ... كان هناك سؤال هو دائماً يتكرر أنه
من تعرفين من بيت خوري؟
من عائلة خوري؟-نعم.
نعم.
فأنا كلياً صار لديّ نوع من الضباب، لا أعرف أحداً.
فبالنسبة لهم هذه كانت كذبة كبيرة جداً.
يعني أنا كان هنالك إحدى صديقاتي من عائلة خوري، ولكني أنا لا أعرف أنها من عائلة خوري، أنا أعرف اسمها ولكنني لا أعرف اسم
عائلتها.
فحتى أنه كنا في بعض الأوقات ننام عندهم، فانتهى هذا بأيضاً
تهديد، ونزع ثياب، وسيجارة وكف نزع حشوة ضرسي وجلست أبحث عنها
يعني.
طبعاً تهديد بالاغتصاب هذا كان طوال تلك الفترة
تهديد يعني فقط؟
نعم إلى أن أنه إذا لم تتكلمي سنأخذك إلى معتقل الخيام، وهذا
ما حدث. المحطة الثانية كانت معتقل الخيام، تُنزع الثياب
تماماً.
في إسرائيل لم تُفصحي عن شيء؟
لا، هو أساساً أنا ليس لديّ شيء أُخفيه
أنه
بالنسبة لتنفيذ العملية أنا التي نفذت وهذا واضح، والأمر الثاني أن المجموعة التي أنا أعمل معها هي مجموعة كلياً خارج...
الجنوب؟
خارج الجنوب، والأسماء أنا لا أعرفها، لا أعرف أسمائهم الحقيقية، لم يكن هناك أي ..
كنت تعرفين الأسماء الحركية فقط؟
أسماء الحركة يعني...
لكنك ربما كنت تعرفين الأشكال، الأشخاص،
نعم لكن ...
أين تلتقون، لم تعترفي بشيء إطلاقاً؟
أن أماكن اللقاء، نعم حسناً بصيدا وببيروت، بصيدا وببيروت، ولكن لا أعرف أين بصيدا مثلاً، أو أين ببيروت.
عصام لم تُخبري عنه إطلاقاً؟
عصام لم يكن هناك علاقة ...
وهو قريبك؟
نعم، لم تكن هناك علاقة
أبداً بيننا. يعني بعد أول جلسة كهرباء يعني استمرّت
بالخيام؟
نعم بالخيام. أحياناً أنه في النهاية قلت أنه عصام... هل قام بعمل شيء؟ هل له علاقة؟ في النهاية أنا قلت نعم، نعم، نعم.
فيقولون لي إذا كنت تكذبين سوف نعذّبك أكثر من هذا، تدخل إلى الزنزانة مباشرة ما أن وصلت إلى الزنزانة قمت بالطرق على الباب
وقلت للشرطية آنذاك قولي لهم أن عصام
ما ... يعني أبلغيهم أن عصام
ليس له ذنب.
نعم، أنه لم يفعل شيئاً، فعادوا وأنزلوني مجدداً
أنتم من تعذبوني، إن كذبت أم لا وهكذا استمرّت الجلسات يعني أكثر
لكن اعتقل عصام، صحيح؟
نعم اعتُقل طبعاً، تم اعتقال عدد كبير جداً. يعني كل شخص قال لي مرحباً يعني تقريباً. أعتقلت والدتي
داخل المعتقل، وهذا لم يأخذ وقتا مني
يعني واكتشفته من سعالها، وكانت أيضا قد علقت فستانها بالحمام عندما استحمّتْ
فمباشرة عرفت أنها موجودة يعني، ومن ثم جمعوني مع والدتي داخل أحد زنزانات التعذيب بعد أن كنت قد عُذِبت أيضاً.
فيعني كان هناك عمل كبير على موضوع الضغط من خلال العائلة، من خلال عمي.
اعتقال أقاربك دام فترة قصيرة؟
يعني أشهر معدودة ومن ضمنهم طبعاً والدتي، وعصام، وبعض الأصحاب والمعارف يعني من القرية.
متى وكيف علمت أن انطوان لحد لم يمت؟
منذ اليوم الثالث.
كنت كل يوم أتسلق على النافذة
وأسمع لأن هناك سهل الخيام
ومرج عيون بمقابل الخيام.
فصدى الكنائس
وأجراس الكنائس
وحتى أجراس الكنائس داخل الخيام تُسمع، وخُطب الجوامع أيضاً تُسمع، فكان إذا مات يُفترض أن يتم الإعلان عن هذا الشيء
بهذه الطريقة من خلال إما قرع أجراس الحزن
في الكنائس
الكنائسية والجوامع من خلال الخطب وهو الأمر الذي لم يحدث فعرفت أنه نجى.
هكذا علمت؟
نعم يعني تحليل لم يكن لديّ معلومات ملموسة أو ..
هكذا تيّقّنت يعني على الأقل، لم يخبرك أحد؟-لا.
لا.
لم تستطيعي طبعاً أن تسألي أحد؟
لا لا لا، الآن طبعاً المحققين يقولون ماذا هل تتوقعين أنه
مات؟
قلت لهم لا، لا أتوقع أنه مات.
لماذا لم يمت؟ لأنكم لم تقرعوا الجرس.
يعني لم تُقرع الأجراس
أجراس الكنائس؟
نعم لم تُقرع أجراس الكنائس
ولم يقم الأذان.
هل ندمت عندما تعذّبت؟
أبداً لا، أبداً. بالنسبة لي هذا...
ولا يوم في حياتك ندمت على ما فعلته؟-لا لا.
لا لا.
حتى بعد عشر سنوات في السجن؟
رغم التعذيب؟
لا لا أبداً، يمكن من الأشياء التي من الممكن أن أعيد قراءتها هي موضوع أنه لماذا رصاصتيْن؟
يعني ..
هل كنت تريدين أكثر؟
أنقذوه بسرعة، هذا بعد...
يعني عندما يكون أحد عمره عشرين سنة واحد وعشرين سنة بوضعي أنا، أنه لهذه الدرجة أعطيت للأمور فلسفة. يعني أنا كتبت في
الرسالة وأقول أني أنا سوف أوجّه طلقتين والطلقة الأولى هي
رسالة وتحية والطلقة الثانية هي دعوة
يعني ... -عفواً هذه الرسالة التي تُكتب عادة قبل تنفيذ أي عملية؟
نعم كتبتها قبل
تنفيذ العملية لأنني كنت أرفض أن أسجل شريط أو شريط فيديو. كان دارجاً آنذاك أن تسجّل شرائط فيديو.
لماذا رفضت؟
كنت ضد الصورة.
لم أكن أحب الصورة.
يعني لم تُحبي الظهور يعني ؟-لا لا.
لا لا.
لا لم أكن أحب الصورة رغم أنه كان لديّ .. كنت متأثرة كثيراً بما تركته
لولا عبود،
وما سجّلته سناء محيدي. يعني هاتين الشخصيتين لعبتا أيضاً دوراً كبيراً جداً
بصورة المرأة بعمل المقاومة-نعم.
نعم.
بالإضافة طبعاً [غير واضح] مروّة وأسماء ثانية يعني
كثيرون طبعاً.-نعم.
نعم.
لم تحبي الظهور ولكن على كل حال يعني لاحقتك الكاميرات طيلة حياتك فيما بعد؟-نعم نعم
نعم نعم
نعم لم نختلف وهذا أكيد لكن
أيضاً كم يكون هناك نوع من الطفولة
بالتقرب من الأشياء وكيف يقرأها الشخص، يعني نعم كان هناك نوع من الطفولة ولكني لست نادمة عليه.
طفولة بمعنى أنه لو كان الأمر الآن بنضجك الحالي لم تكوني لتقومي بهكذا عملية مثلاً؟
كنت سأطلق سبع طلقات.
يعني من حيث أنك ستنفذ فنفّذ للنهاية يعني
نعم إذاً هو ليس عودة إلى الوراء-لا.
لا.
هو المزيد من الإصرار إذاً؟
هو المزيد من الإصرار
نعم يعني
لكن عندما
كتبت الرسالة، لماذا كتبت طلقتيْن؟ لماذا قررت وأنت تكتبين الرسالة حتى وليس عند التنفيذ فقط؟
نعم نعم.
أنا أعتبر أنه بما أن طلقة واحدة تكفي
لحتى تُنفّذ هذه العملية فأنا لا، أريد طلقتين، لأن اثنين أولاً هي علامة النصر والطلقتين لأنه لديّ شعبيْن
هما قضيّتان بقضية واحدة ترمزان للصراع العربي ضد الاحتلال الإسرائيلي والصهيوني.
هو التواطؤ المحبب ها هنا على الذاكرة وروح التجربة.
وهي السخرية من الذات وبراءة المرحلة والسجّان معاً، هكذا تُمسي الذات أطرى أنعم وأنضج، تستحق الاحتفاظ بها بالضبط
لأنها لم تتورم بالمجد النضالي.
"أحلم بزنزانة من كرز" كتابك الأخير مع الزميلة الإعلامية كوزيت ابراهيم التي كانت معتقلة أيضاً وحُرّرت عام ألفين بعد الانسحاب الإسرائيلي بعد تحرير جنوب لبنان طبعاً.
سنتابع في "أحلم بزنزانة من كرز" وفي كل ذكريات الاعتقال والتعذيب في الزنزانة الانفرادية في تعذيبك الجسدي والنفسي وفي التحرير فيما بعد. سهى بشارة نتابع في الحلقة المقبلة، شكرا لوجودك معنا مجدداً.
مشاهدينا الكرام هكذا نكون إذن قد وصلنا إلى ختام هذه الحلقة أيضاً من "الذاكرة السياسية" مع سهى بشارة الأسيرة اللبنانية المحررة التي نفّذت محاولة اغتيال انطوان لحد قائد ميليشيا جيش لبنان الجنوبي سابقاً. إلى اللقاء في الأسبوع المقبل