٤،٩،٥٩ - قصص عمرية
القصة الأولى:
قال أسلم: خرجنا مع عمر - رضي الله عنه - إلى حرة واقم، حتى إذا كنا بصرار إذا نار توقد فقال: يا أسلم إني أرى ها هنا ركبانا قصر بهم الليل والبرد . انطلق بنا فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فإذا بامرأة معها صبيان وقدر منصوبة على نار، وصبيانها يتضاغون (يبكون). فقال عمر : السلام عليكم يا أهل الضوء. وكره أن يقول: يا أصحاب النار فأجابت امرأة: وعليكم السلام ۚ فقال: أأدنو ۚ فقالت: ادن بخير، أو دع فدنا منها فقال: ما بالكم؟ قالت: قصر بنا الليل والبرد. قال: وما بال هولاء الصبية يتضاغوة؟ قالت: الجوع ؟ قال: وأي شيء في هذه القدر؟ قالت: ماء أسكتهم به حتى يناموا، والله بيننا وبين عمر، قال: أي رحمك الله وما يدري عمر بكم؟ فقالت: يتولى أمرنا ثم يغفل عنا؟ فأقبل علي فقال: انطلق بنا . خرجنا نهرول، حتى أتينا دار الدقيق، فأخرج عدلا من دقيق و عدلا من شحم، وقال: احمله علي؟ قلت: أنا أحمله عنك. قال : أنت تحمل وزري يوم القيامة، لا أم لك. فحملته عليه فانطلق وانطلقت معه إليها، نهرول، فألقى ذلك عندها، وأخرج من الدقيق شيئا، فأخذ يقول لها : ذري علي وأنا أحرك لك. وجعل ينفخ تحت القدر. وكانت لحيته عظيمة، فرأيت الدخان يخرج من خلالها، حتى طبخ لهم، ثم أنزلها وأفرغ الحريرة في صفحة، وهو يقول لها : أطعميهم، وأنا أسطح لهم: أي أبرده، ولم يزل حتى شبعوا وهي تقول له : جزاك الله خيرا . كنت بهذا الأمر أولى من أمير المؤمنين.
القصة الثانية:
كان عمرو بن العاص واليا على مصر، وكان ابنه يجري الخيل في ميدان السباق، فنازعه بعض المصرين السبق، واختلفا بينهما لمن يكون الفرس السابق وغضب ابن الوالي، فضرب المصري وهو يقول : أنا ابن الأكرمين. فاستدعى عمر الوالي وابنه، حين رفع إليه المصري أمره. ونادى بالصري في جمع من الناس، أن يضرب خصمه قائلا له : اضرب ابن الأكرمين، ثم أمره أن يضرب الوالي، لأن ابنه لم يجرؤ على ضرب الناس إلا بسلطانه. وصاح بالوالي مغضبا : بم استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ فما نجا من يده إلا برضى من صاحب الشكوى واعتدار مقبول.
القصة الثالثة اشتري
عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وهو أمير المؤمنين حصانا، وسار به بعيدا عن البائع وركبه ليجربه، فأصيب الحصان بعطب. فساورته نفسه بإرجاعه، ظنا منه أن البائع خدعه فيه. ولكن البائع رفض الحصان من أمير المؤمنين، فشكاه عمر رضي الله عنه - إلى القاضي، فاختار الرجل شريعا القاضي المشهور بالعدل. فحكم القاضي للرجل، وقال لعمر: خذ ما ابتعت أو رد، كما استلمت. فقال عمر مسرورا، وهو ينظر إلى شريح قائلا : هل القضاء إلا هكذا، وعينه قاضيا على الكوفة