الذئب والخراف السبعة في المزرعة
كانَ يا مَا كانَ في قديمِ الزمانِ
كانتْ هُناكَ عَنزةٌ أمٌ و أطفالُها السبعةُ يعيشونَ بِسعادةٍ في مزرعةٍ في الغابةِ بعيداً عَنِ المدينة.
لمْ يَكنْ للحيواناتِ التي تَعيشُ في هذهِ المزرعةِ أيُّ مَالكٍ،
لِذلكَ كانوا يُديرونَ المَزرعةَ بأنفسِهِم.
كُلَّ عامٍ، يَتمُ تَرشيحُ واحدٍ منهم ليكونَ رئيساً عليهم.
و كانتِ الحيواناتُ تَقومُ بإنتاجِ طَعامِها و تَعيشُ معاً في وِئامٍ تَام.
ساعدَ القِيامُ بذلكَ في تَجنُبِ أيِّ صِراعاتٍ مُحتملةٍ في المزرعةِ.
كانتْ مُهمةُ العنزةِ الأمِ هيَ جمعُ الحليبِ منْ كلِّ حيوانٍ ينتجُ الحليبَ،
و مِنْ ثُمَّ تقومُ ببيعِهِ في السوق.
بعدهَا تُحضِرُ المالَ إلى الرئيسِ حتى يتمكنوا مِنْ استخدامِه لتلبيةِ احتياجاتِ المزرعة.
و كانَ ذلكَ العامُ دَورَ الكلبِ ليكونَ رئيساً.
كانَ مَسؤولاً عَنْ أمنِ المزرعة.
مُنذُ استلامِهِ و مِنْ وقتٍ لآخرَ،
اختفتِ الأشياءُ في المزرعةِ.
كانَ الجميعُ يعلمُ أنَّهُ خطأُ الكلبِ،
لكنْ لَمْ يَجرُؤ أحدٌ على قَولِ أيِّ شيءٍ لأنَّهم كانوا خائفينَ مِنْ نُباحِهِ وأسنانِهِ الكبيرةِ.
سَلمتِ الحيواناتُ إدارةَ المزرعةِ مِنْ دونِ رِضى إلى الكلبِ بحفلِ تنصيبٍ.
أنا لا أثقُ بالكلب.
ما زالَ لمْ يَجدِ اللصَ الذي سَرقَ بيضَنا في آخرِ مرة.
حتى أنَّهُ لَمْ يَقُمْ بالبحثِ عنهُم..
سَتكونُ سنةً صعبةً لا مَحالة.
كانَ الجميعُ على دِرايةٍ أنَّ الكلبَ و الذئبَ الشريرَ الذي يعيشُ في الغابةِ صديقانِ حميمانِ جداً.
يجبُ أنْ نكونَ جميعاً على أُهبةِ الاستعداد.
لدينا جميعاً أطفالٌ صِغار.
هذا مستحيل! لنْ يقومَ بإعطاءِ أطفالِنَا هكذا إلى الذئبِ الشريرِ.
في كِلتَا الحالتين، علينَا اتخاذُ الاحتياطاتِ.
قدْ لا يكونُ الكلبُ يقومُ بعملِهِ بشكلٍ جيدٍ، لكنِّي لا أظنُ أنَّهُ يخونُنا.
سوفَ نرى بشأنِ ذلكَ.
بينمَا كانتْ حَيواناتُ المزرعةِ تتحدثُ فيمَا بينَها، كانَ الكلبُ يستمتعُ بمنصبِهِ الجديد.
كانَ كُلُّ شيءٍ يَسيرُ على ما يُرامُ في الأيامِ القليلةِ الأولى.
عادتِ الحيواناتُ إلى وظائِفِها، و كانَ العملُ يسيرُ كالمُعتاد.
لمْ يكنْ هُناكَ أبداً ما يَدعو إلى القلق.
في إحدى الليالي، استيقظتِ العنزةُ الأمُ مِنْ جَراءِ دَويِ صُراخٍ، و خَرجتْ على الفورِ لترى ما الذي يجري.
أطفالي! صِغاري! لقد اختفوا!
ماذا يَحدثُ هُنا؟
لقدْ خطفَ الذئبُ الشريرُ كُلَّ الفِراخ.
لكنْ كيفَ حدثَ هذا الأمر؟
اقتربَوا جميعاً مِنَ الكلب.
كانَ صوتُ شخيرِهِ مُرتفعاً للغايةِ لدرجةِ أنَّ صَداهُ دَوَّى في جميعِ أنحاءِ المزرعة.
طرقتِ العنزةُ الأمُ على بابِ بيتِ الكلبِ.
لكنَّ الكلبَ لَمْ يستيقظ.
أنا أعرفُ ما يجبُ القيامُ به.
كوكوكو!
عندَ سَماعِ صِياحِ الديكِ، أصيبُ الكلبُ بالذهولِ و ضربَ رأسَهُ في سقفِ بيتِهِ،
مُعتقداً أنَّ الصَّباحَ قدْ حلَّ.
ما الذي يحدثُ؟
أيُّ نوعٍ مِنَ الرُؤساءِ أنتَ؟
لقدْ قامَ الذئبُ الشريرُ بخطفِ كُلِّ فِراخي بينما كُنتَ نائماً قَريرَ العين.
أرجوكُمْ اهدؤوا جميعاً!
رُبما ذهبتِ الفِراخُ في نُزهة.
في هذهِ الساعةِ؟
يبدو أنَّ شخصاً ساعدَ الذئبَ الشرير.
هذا مستحيل! لا يمكنُكمْ حتى الاعتناءُ بأطفالِكُم .
ألستَ المسؤولُ هُنا؟
و مِنَ المفترضِ أنْ نَأتيَ إليكَ عندما نُواجهُ أيَّ نوعٍ مِنَ المشكلات.
هيَّا جميعاً، عُودوا إلى السريرِ!
سوفَ نقومُ بالبحثِ عَنِ الفِراخِ في الصباحِ.
عادتْ جميعُ حيواناتِ المزرعةِ إلى الفراشِ قلقةً.
لابُدَّ أنَّ هُناكَ شيءٌ مريبٌ يجري هُنا.
علينا أنْ نكونَ حذرِينَ أكثرَ.
في صباحِ اليومِ التالي، و تحتَ قيادةِ الكلبِ،
بدأوا بالبحثِ عَنِ الفِراخِ لكنْ دونَ جدوى.
بدا الأمرُ كما لو أنَّ الفِراخَ المسكينةَ قد تبخرتْ في الهواءِ.
بحثتْ جميعُ حيواناتِ المزرعةِ عنِ الفِراخِ الصغيرِة حتى وقتٍ مُتأخرٍ مِنَ المساءِ،
لكنَّهم عادوا إلى المزرعةِ خالي الوِفاض.
عِندها بدأتِ الدجاجةُ الأمُ بالنَّحيب.
لا دَاعي لهذا اليأس.
يُمكنكِ دائماً وضعُ المزيدِ مِنَ البيض.
عِندَ سَماعِ ذلكَ، اندفعتِ الدجاجةُ الأمُ باتجاهِ الكلبِ مُهاجمةً إياهُ و بدأتْ بنقرِهِ عِدةَ مراتٍ.
كانَ هذا ما أرادَهُ الكلبُ، لذلكَ قامَ بحبسِ الدجاجةِ الأمِ في القِن.
في تلكَ الليلةِ، ذهبتْ جميعُ حيواناتِ المزرعةِ إلى الفراشِ باكراً بسببِ الإرهاق.
بعدَ أنْ غَطُّوا جميعاً في النومِ، تسللَ الكلبُ منْ بيتِهِ و فتحَ بواباتِ المزرعة.
ظَهرَ الذئبُ الكبيرُ الشرير.
أينَ كنتَ كُلَّ هذا الوقت؟
لقدْ كنتُ أنتظرُ لساعاتٍ.
كانَ عليَّ أنْ أتأكدْ مِنْ أنَّ الجميعَ قدْ ناموا.
هلْ تعتقدُ أنَّهُ مِنَ السهلِ خِداعُ الجميعِ في مثلِ هذهِ المزرعةِ الكبيرة؟
حسناً، حسناً، هلا تَختصرُ كلامَكَ.
حسناً، و ماذا تريدُ هذهِ المرة؟
أطفالُ العنزةِ الأم.
هذا سيُكلِّفُكَ الكثيرَ هذهِ المرة.
أعطى الذئبُ الكبيرُ الشريرُ كُلَّ ما كانَ لديهِ في مِحفظتِهِ إلى الكلبِ.
ها أنتَ ذا.
فقطْ أرنِي المكانَ الذي تنامُ بهِ العنزات.
اقتربَ الذئبُ خِلسةً مِنَ المنزلِ الذي تعيشُ فيهِ العنزةُ الأمُ و الأطفال.
ذهبَ الذئبُ الكبيرُ الشريرُ مباشرةً إلى غُرفةِ العنزاتِ الصغيرةِ و بدأَ في وضعِهَا في كيس.
تجمعتِ العنزاتُ الصغيرةُ المذهولةُ بسرعةٍ و بدأتْ في الصراخِ
لأنَّ والدتَهُنَّ علمتْهُنَّ أنْ يفعلْنَ ذلكَ في مثلِ هذهِ الحالةِ الطارئةِ.
صُدِمَ الذئبُ الشريرُ لكنَّهُ لمْ يكنْ ليدعَ فريستَهُ تهربُ مِنْ بَينِ يديه.
ما كانَ مِنهُ إلا أنْ قفزَ مِنَ النافذةِ حاملاً الكيسَ على ظهرِهِ وهربَ.
العنزةُ الأمُ، التي استيقظتْ بسببِ صُراخِ أطفالِها، كانتْ قَدْ فَهِمَتْ ما حَدثَ
و خرجَتْ على الفورِ لكي تُلاحقَ الذئبَ.
سَاعدونِي! لقدْ سَرقَ أطفالِي الصغارَ! ساعدونِي!
بَدأتِ العنزةُ الأمُ جَنباً إلى جَنبٍ مَعَ القِطةِ و الدِّيكِ بِتقفِّي أثرِ الذئبِ الشريرِ.
لَمْ يَمضِ وقتٌ طويلٌ حتى اختفى الذئبُ في ظلامِ الليل.
جلستِ العنزةُ الأمُ على صخرةٍ و بدأتْ في البُكاءِ بشدة.
لقدْ سمعتْ صُراخَ أطفالِها، لكنْ للأسفِ لَمْ تتمكنْ مِنَ الوصولِ إليهم.
عِندها سِمعوا رَفرفةَ أجنحةٍ فوقَهم.
مهلاً! اتبعوني! أستطيعُ أنْ أراهُم مِنْ هُنا!
يستطيعُ السيدُ بومٍ أنْ يرى الذئبَ بفضلِ قدرتِهِ على الرؤيةِ الليليةِ.
تبعوا البومَ إلى وِكرِ الذئبِ الشرير.
هيَّا، دَعونا نهاجمُ الذئبَ و نقومُ بإنقاذِهِم!
لا، يتوجبُ علينَا أنْ نضعَ خُطةً أولاً.
إنَّ السيدَ بومٍ هوَ الأسرعُ بيننا،
لذلكَ عندما نقومُ نحنُ بتشتيتِ انتباهِ الذئبِ، يُمكنُهُ هُوَ العودةُ إلى المزرعةِ و الحصولُ على المساعدةِ.
عندها يُمكننا جميعاً مهاجمةُ الذئبِ و التغلبُ عليه.
طارَ البومُ مرةً أخرى إلى المزرعة.
اقتربتِ العنزةُ الأمُ و الديكُ و القطةُ مِنْ نافذةِ منزلِ الذئبِ،
و رأوا الذئبَ و الكلبَ يتصافحان!
أصبحَ كُلُّ شيءٍ منطقياً.
ماذا ينبغي علينَا أنْ نقومَ بهِ الآنَ؟
سنقومُ بانتظارِ وصولِ المساعدةِ مِنَ المزرعة.
وفي الوقتِ نفسِهِ، كانتْ العنزاتُ الصغيراتُ تُحاولنَّ تَفهُمَ الموقفِ الذي وُضعْنَ فيه.
كانتِ الأصغرُ سناً خائفاتٍ جداً و بدأنَ في البكاءِ.
علينا أنْ نقومَ بعملِ شيءٍ.
لكنْ يجبُ أنْ نبقى هادئين.
شششش... توقفْ عَنِ البكاءِ الآن. و تذكرْ مَا علمتْهُ أمي لنا؟
ابقوا هادئين، كونوا شُجعاناً، فكروا وتصرفوا...
نعمْ هذا صحيح…
خطرتْ لي فِكرةٌ الآن. استمعوا لي.
بقيتِ العنزاتُ الصغيراتُ تتهامسُ و تضحكُ فيما بينها.
بعدَ كلامِهم و مناقشةِ الخُطةِ، قامتْ إحداهنَّ بالطرْقِ على البابِ المغلق.
أيُّها الذئبُ الشريرُ! تعالَ إلى هُنا!
اقتربَ الذئبُ مِنَ الباب.
ماذا؟ ما الذي تريدونَه مني أيُّها الأوغاد؟
يجبُ علينا أنْ نذهبَ إلى الحمامِ بسرعةٍ.
الحمامُ؟ ألا يمكنُكُم حبسُ ذلكَ لبعضِ الوقت.
كونوا صبورينَ قليلاً. سأقومُ بأخذِكُم إلى السوقِ و بيعَكُم جميعاً هناك.
كما تشاءُ أيُّها الذئبُ الشرير.
لكنَّ هناكَ سبعةٌ منا يطلبونَ قضاءَ الحاجة.
فكرْ في الفوضى التي سنحدثُها.
نظرَ الذئبُ الشريرُ والكلبُ إلى بعضِهما البعض.
أأنتَ خائفٌ مِنْ سبعةِ أطفالٍ؟
فتحَ الذئبُ البابَ، و بدأوا بإخراجِ الأطفالِ واحداً تلوَ الآخرِ إلى الشجرةِ المقابلةِ للمنزلِ و هم في صفٍ واحدٍ
في غُضونِ ذلكَ، رأتِ العنزةُ الأمُ ما كانَ يحدث.
هيَّا، قوموا بعملِ ما جئتُم لعملِه هنا. لكنْ كونوا سريعينَ بذلك!
ليسَ و أنتَ تنظرُ إلينا هكذا.
نعمْ ... يتوجبُ عليكَ أنْ تستديرَ أولاً.
جيد، جيد ... لكنْ أسرعوا!
بمجردِ أنْ استدارا، قامتْ إحدى العنزاتِ الصغيراتِ بنطحِ الذئبِ الشريرِ و الأخرى قامتْ بنطحِ الكلبِ بشدةٍ لدرجةِ أنهُما ذُهلا.
و بدأتِ العنزاتُ الأخرياتِ بركلِ الشريكينِ على أعقابِهما بقوةٍ.
هَا هُم أطفالِي! هيَّا بِنا، لقدْ حانَ دورُنا الآن!
قفزتِ القطةُ مِنْ على الشجرةِ حيثُ كانتْ مختبئةً، و اندفعتْ باتجاهِ الذئبِ و خدشَتْه.
و نقرَ الديكُ رأسَ الكلبِ بكُلِّ قوتِهِ.
و جاءتْ آخرُ ضربةٍ مِنَ العنزةِ الأمِ مَعْ نطحةٍ و ركلةٍ قويةٍ حيثُ ألقتْ بكُلٍّ مِنَ الذئبِ و الكلبِ على الأرضِ بلا حَراك.
كانَ الديكُ و العنزةُ الأمُ مسرورَينِ جداً لأنَّهُ تَمَّ لَمُ شملِهِمَا مَعَ أطفالِهِمَا الصغارِ.
أخذَ الديكُ فِراخَهُ الصغيرةَ تحتَ جَناحِهِ ليُشعرَهُم ببعضِ الدفءِ.
و قامتِ العنزةُ الأمُ بعناقِ أطفالِها و تقبيلِ كُلِّ واحدٍ منهم.
أولادي الأعزاء. أنا فخورةٌ للغايةِ بكمْ جميعاً.
أخذَ السيدُ بومٍ جميعَ حيواناتِ المزرعةِ إلى مكانِ الحادث.
هَا هُمْ هُناك!
أخبرتِ العنزةُ الأمُ الحيواناتِ بكلِّ ما حدث.
لقدْ تعلَّمَ الجميعُ درساً مما حصلَ.
و منَ الآنَ فصاعداً،
سيتِمُ اختيارُ رئيسٍ للمزرعةِ بطريقةِ الانتخاباتِ بدلاً مِنَ الطريقةِ القديمةِ في التناوبِ على الرئاسةِ.
و سيكونُ هناكَ أيضاً مجلسٌ للتشاورِ في المزرعةِ و بهذا ستتمكنُ حيواناتُ المزرعةِ مِنَ التأكدِ مِنْ قيامِ الرئيسِ بعملِهِ على أتمِّ وجه.
كمَا أنَّهم قرروا طردَ الكلبِ مِنَ المَزرعة.
و تمَّ انتخابُ العنزةِ الأمِ بالإجماعِ كرئيسةٍ لهم بسببِ شجاعتِها
. عادتْ جميعُ حيواناتِ المزرعةِ إلى منازلِهم و حياتِهم وعاشوا في سعادةٍ دائمةٍ، طبعاً باستثناءِ الذئبِ الشريرِ والكلبِ.