الذئب والخراف السبعة - مدينة المغامرات في باريس
كانَ يا مَا كانَ في قديمِ الزمانِ
عاشتِ العنزةُ الأمُ و العنزاتُ السبعُ الصغيراتُ سعداءَ في بلدةٍ ساحليةٍ محاطةٍ بالخُضرة.
كانتِ العنزاتُ السبعُ الصغيراتُ يذهبْنَ إلى المدرسةِ كلَّ صباحٍ بسعادة.
كانوا يمسكونَ بأيدي بعضِهمُ البعضِ في الطريقِ إلى المدرسة.
مَا الذي يحدثُ؟
رحلةٌ مدرسيةٌ! رحلةٌ مدرسيةٌ!
رحلةٌ مدرسيةٌ؟ إلى أين؟
إلى مكانٍ بعيدٍ، إلى باريس!
باريس؟
أتقصدُ باريسَ عاصمةِ فرنسا؟
مرحى!
كانتِ العنزاتُ الصغيراتُ متحمساتٍ جداً لهذهِ الرحلةِ لدرجةِ أنهُنَّ لَمْ يُطقْنَ الانتظارَ حتى يَعُدْنَ إلى المنزلِ
و يخبرْنَ والدتَهُنَّ عنْ هذهِ الأخبارِ السعيدة.
مَنْ يصلُ إلى المنزلِ أولاً يُمكنُهُ إعلامُ أمِنا بالأخبار!
ركضوا جميعُهم إلى المنزلِ بأسرعِ ما يمكن،
كانتْ قلوبُهم تدقُ بصوتٍ عالٍ. اندفعوا لإخبارِ والدتِهم.
أُمي! أُمي!
ما الذي يجري؟
هناكَ رحلةٌ مدرسيةٌ إلى مدينةِ باريس!
ذلكَ رائعٌ!
يجبُ عليكمُ القيامُ ببعضِ البحثِ حولَ باريسَ في الحالِ!
أينَ يُمكنُنا الحصولُ على معلوماتٍ عَنْ باريسَ يا أُمي؟
سوفَ نبحثُ عَنْ بعضِ المعلوماتِ على شبكةِ الإنترنت.
في اليومِ التالي قاموا بطباعةِ المعلوماتِ التي جمعوها و بدأوا بقراءتِها.
ياااه! يوجدُ أكبرُ متحفٍ في العالمِ في باريس!
و يُسمى متحفُ اللوفر.
إِذَاً علينا أنْ نحرِصَ على زيارتِه بالتأكيد.
لكنْ للأسفِ لا يُمكنُنا رؤيةُ كلِّ شبرٍ منه.
لِمَ لا؟
إذا نظرنا إلى كلِّ قطعةٍ مِنَ الأعمالِ الفنيةِ لمدةِ دقيقةٍ،
فسيستغرقُ الأمرُ ثلاثةً و سبعينَ يوماً لرؤيةِ كلِّ شيء.
و لكن هناكَ تحفةٌ واحدةٌ يجبُ أنْ نراها: الموناليزا.
واو أنا متحمسةٌ جداً.
ماذا عَنْ هذا: هناكَ أربعمائةٌ وسبعونَ ألفِ شجرةٍ في باريس.
هذا كثيرٌ!!
يوجدُ أيضاً مائةٌ وثلاثةُ وسبعونَ متحفٍ و أربعمائةٌ وخمسونَ حديقة. إنها مدينةُ الثقافة.
دعونا لا ننسى برجَ إيفل و نوتردام الشهيرَيْن.
الملايينُ مِنَ السياحِ يزورونَ هذهِ الأماكنَ كلَّ عام.
لقدْ كنتُ أقرأُ عَنْ ذلكَ للتوِ.
علينا حتماً أنْ نزورَ كليهِما.
دعونا نُضيفُ هذهِ الأماكنَ إلى ملاحظاتِنا.
و سوفَ نحرِصُ على إعطائِهم لمعلمِنا غداً.
ظلتِ العنزاتُ الصغيراتُ يُدَوِّنَّ المعلوماتِ حتى وقتٍ متأخرٍ مِنْ ذلكَ المساء.
في صباحِ اليومِ التالي، أخبروا معلمَهم عَنِ المعلوماتِ التي حصلوا عليها.
عملٌ جيدٌ يا أطفال.
سأرسمُ خَطَ سيرِ الرحلةِ بناءً على ملاحظاتِكم.
و أخيراً حانَ وقتُ رحلتِهم إلى باريس.
ذهبتِ العنزاتُ الصغيراتُ إلى الفراشِ في وقتٍ مبكرٍ مِنْ تلكَ الليلةِ،
لكنَّهُنَّ لَمْ يتمكَّنَّ مِنَ النومِ و بقيْنَ يتقلبْنَ في أسرتِهنَّ.
في اليومِ التالي ذهبوا إلى المطار.
لقد كانوا متحمسِينَ للغايةِ لكي يصعدوا إلى الطائرةِ لأولِ مرةٍ في حياتِهم.
مرحى! نحنُ نطيرُ.
كانتِ الرحلةُ هادئةً.
تبادلَ الطلابُ خلالَها الأحاديث.
في ذلكَ الوقتِ، لَمْ تستطعْ إحدى العنزاتِ الصغيراتِ منعَ نفسِها مِنْ ملاحظةِ وجهٍ مألوفٍ عليها كانَ يجلسُ في الصفِ الخلفي،
مُحاولاً إخفاءَ نفسِه.
لكنْ عندما نظرتْ عنْ كثبٍ،
أدركتْ أنَّهُ كانَ الذئبُ الشرير.
كانَ يرتدي شارباً و نظاراتٍ مزيفَيْنِ كزيٍّ تنكريٍ،
لكن أذنَيهِ الطويلتَيْنِ وأسنانَهُ الحادةَ فضحوا أمرَهُ.
انظرْ إلى الصفِ الخلفي دونَ أنْ تجعلَ الأمرَ واضحاً للعيان.
أليسَ هذا الذئبُ الشرير؟
ذلكَ مستحيل. ماذا يفعلُ هذا هنا؟
أتساءلُ ما الأمرُ الذي يخططُ لهُ.
آه لا، ربما عرفوني.
ما الذي تفعلْنَهُ هذهِ العنزاتُ الصغيراتُ هنا على أيِّ حال؟
لا بُدَّ لي مِنَ الاختباءِ الآن.
على الفورِ زحفَ الذئبُ الشريرُ خارجاً مِنْ مقعدِهِ إلى الحمام.
ظلَّ مُختبئاً هناكَ و لَمْ يخرجْ حتى هبطتِ الطائرة.
بمجردِ وصولِهم إلى مدينةِ باريس،
ذهبوا مباشرةً إلى فندقِهم لاستلامِ الغرف.
في هذهِ الأثناءِ، كانَ الذئبُ يراقبُهم مِنْ بعيدٍ مبتسماً بخُبث.
حسناً إِذَاً، إلى أنْ نلتقي مرةً أخرى!
استمتعوا قدرَ استطاعتِكم أيتُها العنزاتُ الصغيراتُ!
مَنْ يضحكُ أخيراً يضحكُ كثيراً.
المحطةُ الأولى مِنَ الرحلةِ كانتْ زيارةٌ إلى برجِ إيفل.
وقفوا جميعاً تحتَ البرجِ، بأفواهٍ فاغرةٍ، مدهوشِينَ بسببِ ارتفاعِ هذا البرجِ العملاق.
يبدو أفضلَ بكثيرٍ مما يظهرُ في الكتب.
دعونَا نصعدُ إلى البرجِ و نشاهدُ المنظرَ الساحر.
كانَ المنظرُ مِنَ الأعلى جميلاً،
و بدى كلُّ شيءٍ صغيراً جداً.
بعدَ أنْ تناولوا بعضَ الطعامِ،
ذهبوا مباشرةً إلى المحطةِ الثانيةِ: متحفُ اللوفر.
لِمَ هذا الازدحامُ الشديدُ أيُّها المعلمُ؟
المتاحفُ عبارةٌ عَنْ أماكنٍ مليئةٍ بالقطعِ و الآثارِ القيمةِ،
لذلكَ يحبُ الناسُ زيارتَها. يُلقي المتحفُ الضوءَ على تاريخِ العالم.
بعدَ الانتظارِ في صفٍ طويلٍ، اشتروا التذاكرَ و دخلوا إلى المتحف.
لَمْ يَكُنِ الذئبُ الشريرُ بعيداً عنهم، حيثُ كانَ يراقبُهم عنْ كَثَب.
جابتِ العنزاتُ الصغيراتُ المتحفَ الضخم.
توقفْنَ عندَ كلِّ قطعةٍ فيهِ و تأملْنَها و تبادلْنَ المعلوماتِ معَ أصدقائِهنَّ.
كانَ معلمُهنَّ فخوراً بهِنَّ و بالمعلوماتِ التي لديهنَّ.
في نهايةِ هذهِ الزيارةِ اللطيفةِ للمتحفِ، كانَ لابُدَّ لهم أنْ يتوقفوا أمامَ أغلى قطعةٍ في المتحفِ:
ألا و هيَ لوحةُ الموناليزا.
استخدمَ الذئبُ الشريرُ الحشدَ الغفيرَ لصالحِهِ للاقترابِ مِنَ العنزاتِ الصغيرات.
في ذلكَ الوقتِ، كانتْ إحدى العنزاتِ الصغيراتِ تخبرُ صديقتَها معلوماتٍ عَنْ لوحةِ الموناليزا.
أيتها العنزاتُ الصغيراتُ المسكينات!
انتهى أمرُكُنَّ الآن!
لقدْ عرفتُ ذلكَ! الذئبُ مَنْ كانَ يجلسُ في الخلفِ على متنِ الطائرة!
هربتِ العنزاتُ الصغيراتُ و هُنَّ يصرُخْنَ مذعوراتٍ،
كانَ المشهدُ فوضوياً.
انتشرَ الصخبُ في المتحفِ، حيثُ انضمَّ الزوارُ الآخرون إلى العنزاتِ بالصراخِ و الركضِ،
دونَ أنْ يعرفوا ما الذي يجري.
و لكنَّ الذئبَ الشريرَ بقيَ واقفاً في مكانِه.
حيثُ كانتْ نواياهُ الحقيقيةُ مختلفة.
كانَ يريدُ الاستفادةَ مِنَ التدافعِ و الفوضى، لكي يسرقَ لوحةَ الموناليزا
و يحاولَ التسللَ خارجاً دونَ أنْ يلاحظَهُ أحد.
لقدْ أرادَ بيعَ اللوحةِ حتى يصبحَ ثرياً.
في أثناءِ الارتباكِ و الفوضى،
لَمْ يرَ أحدٌ الذئبَ الشريرَ وهوَ يحاولُ أنْ يسرقَ اللوحة.
لكنَّ أصغرَ العنزاتِ رأى ما حدث.
كانَ يعلمُ أنَّهُ عليهِ القيامُ بإيقافِ الذئبِ الشرير.
يا أخوتي! اتبعوا مصدرَ صوتي حتى تتمكنوا مِنَ العثورِ علي!
سمعتِ العنزاتُ الصغيراتُ الأخرياتُ صوتَ أخيهمُ العنزِ الصغيرِ و ذهبْنَ إليهِ على الفور.
هلْ أنتَ بخيرٍ؟ هلْ حاولَ هذا الوغدُ إيذاءَكَ؟
لا... ليسَ هذا غرضَهُ مِنَ القدومِ إلى هنا.
انظروا إليهِ! لماذا يهربُ؟
ما هذا الشيءُ الذي يحملُهُ في يدِهِ؟
كانتْ خطتُهُ استخدامُنا لخلقِ الفوضى والذُعرِ لكي يتمكنَ مِنْ سرقةِ تلكَ اللوحةِ القيمة.
يتعينُ علينا أنْ نُعيدَ هذهِ اللوحةَ فوراً.
ما هوَ الشيءُ الذي يكرهُهُ الذئبُ جداً؟
بالطبعِ أنْ يقومَ بالاستحمامِ!
نعلمُ جميعاً مدى قذارتِهِ و كَمْ يكرهُ النظافة.
إِذَاً دعونا نمنحُهُ حماما.
كيف؟
هلْ أحضرتِ معكِ مقلاعَكِ إلى هنا؟
أجل.
أتحملُ معكَ كراتَكَ الرُخامية؟
طبعاً معي.
إِذَاً استمعوا إليَّ عنْ كَثبٍ.
بَعدَ أنْ انتهتِ العنزاتُ الصغيراتُ مِنْ رسمِ خطتِهنَّ،
ركضتِ اثنتانِ مِنَ العنزاتِ خلفَ الذئب.
أما العنزةُ التي كانتْ تملكُ المقلاعَ،
فقدْ صوبتْ كرةَ الرخامِ على رشاشاتِ المياهِ المخصصةِ للحرائقِ في الرواقِ،
حيثُ كانَ الذئبُ يركضِ.
فُتحَتِ الرشاشاتُ في اللحظةِ التي ضَربتْ بها كرةُ الرخام. تفاجأَ الذئبُ مما رأى.
ماذا يحدثُ هنا؟ مِنْ أينَ جاءَ كلُّ هذا الماء؟ أكرهُ هذا الشعورَ بالبلل!
ضَربتْ كرةُ الرخامِ الأخرى القادمةُ مِنَ المقلاعِ رشاشاً آخرَ.
غُمرتِ الأرضُ بالمياه.
فانزلقَ الذئبُ الشريرُ و سقطَ على الأرضِ مَعَ اللوحةِ التي سرقَها.
اعتقلَ حراسُ المتحفِ الذئبَ على الفور.
وعادتْ لوحةُ ليوناردو دا فينشي الشهيرةُ (الموناليزا) إلى مكانِها الأصلي.
في وقتٍ لاحقٍ مِنْ ذلكَ اليومِ،
ألقى مديرُ المتحفِ كلمةً لتهنئةِ العنزاتِ السبعِ الصغيراتِ على عملِهنَّ البطولي
و قدمَ لهُنَّ هدايا جميلةً كتعبيرٍ عنْ شكرِ المتحفِ وامتنانِهِ لهُنَّ.
عندما عادتِ العنزاتُ الصغيراتُ إلى بلدتِهِنَّ،
كانتْ والدتُهُنَّ و سكانُ البلدةِ بانتظارِهِنَّ.
لقدْ كانوا فخورِينَ بهِنَّ جداً.
حملوا العنزاتِ الصغيراتِ على أكتافِهم وصولاً إلى المدرسة.
و ماذا عنِ الذئبِ الشريرِ؟
في البدايةِ، مكثَ في المستشفى لفترةٍ طويلة.
ثُمَّ تَمَّ اتهامُهُ بجريمةِ السرقةِ،
لذا وقعَ عليهِ العقابُ و هوَ أنْ يمسحَ أرضياتِ المتحفِ لمدةِ عامٍ كامل.
مَعْ أنَّ الذئبَ قدْ أعربَ عنْ أسفِهِ لما فعلَهُ،
و لكنَّ ذلكَ أتی بعدَ فواتِ الأوان.